كثرة الاستعمال، فإذن تكون النتيجة أن تبادر المتلبس من المشتق عند الاطلاق مستند إلى الوضع وكاشف عنه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الوضع تعيينيا أو تعينيا، فإن الغرض هو إثبات وضع المشتق لخصوص المتلبس سواء أكان بالوضع التعييني أم التعيني.
ودعوى أن كثرة الاستعمال مع القرينة مهما كانت لا تؤدي إلى الوضع، لأنها إنما توجب العلاقة بين المعنى واللفظ المقترن بالقرينة لا مطلقا، فإذا جرد اللفظ عن القرينة لم يكن المعنى متبادرا منه، لعدم حصول العلاقة بينه مجردا وبين المعنى، فإذن لا تكون نتيجة هذه الكثرة حصول الوضع التعيني.
مدفوعة بأن لهذا الاستعمال عنصرين: أحدهما: اللفظ والآخر القرينة، والأول عنصر ثابت في جميع موارد الاستعمال على حد سواء، والثاني، عنصر متغير، لأن القرينة تختلف من استعمال إلى استعمال آخر، ففي مورد تكون لفظية وفي آخر تكون حالية وفي ثالث عهدية وفي رابع مقامية وهكذا، لأن القرينة في كل مورد من موارد الاستعمال حسب ما يتطلبها انفهام المعنى المجازي من اللفظ فيه، وحيث إن اللفظ عنصر ثابت ولا يختلف باختلاف الموارد، فبطبيعة الحال إذا كثر الاستعمال كانت تؤدي إلى حصول العلاقة بينه وبين المعنى، سواء أكانت معه قرينة أم لا، وهي الأنس الذهني الحاصل بينهما من العامل الكمي الموجب لتبادر المعنى منه عند إطلاقه، نعم لو كان عنصر القرينة عنصرا ثابتا كاللفظ في جميع الموارد، فلا يمكن حصول الوضع التعيني من كثرة الاستعمال مهما بلغت.
وقد أجيب عن ذلك بأن استعمال المشتق في المنقضي في موارد الانقضاء أكثر من استعماله في المتلبس خاصة، وعليه فلا يحتمل أن يكون تبادر المتلبس من المشتق ناجما من كثرة الاستعمال فيه، وإلا لكان الأمر بالعكس، فإذن لا محالة