القول ببساطته عين المبدأ، فزواله بزوال المبدأ أمر وجداني غير قابل للبحث، فلذلك لا موضوع حينئذ للنزاع في أنه وضع للأعم أو الخصوص المتلبس بالمبدأ بالفعل.
وبكلمة أخرى، إن الركن الوطيد على هذا القول هو نفس المبدأ غاية الأمر أنه ملحوظ لا بشرط، ومعه لا يأبى عن الحمل على الذات، وحينئذ فالصدق متقوم بالمبدأ وجودا وعدما، فإذا انعدم لم يصدق العنوان الاشتقاقي إلا بالعناية والمجاز، وبذلك تختلف العناوين الاشتقاقية عن العناوين الذاتية، فإن العناوين الاشتقاقية على الرغم من كونها عين مبادئها ذاتا وحقيقة وبسيطة، سواء أكانت المبادئ من إحدى المقولات أم كانت من غيرها، فإذا زالت المبادئ زالت العناوين الاشتقاقية بالكلية، ولكن مع هذا يصح إطلاقها على الذات قبل الاتصاف بها وبعده مجازا بعلاقة الأول والمشارفة أو علاقة ما كان.
بينما العناوين الذاتية على الرغم من كونها مركبة من الصورة والمادة، فإذا زالت الصورة وتبدلت بصورة أخرى بقيت المادة، ولكن مع هذا لا يصح إطلاقها على المادة ولو مجازا، فإذا صار الانسان أو الكلب ملحا لم يصح إطلاق الانسان على المأة ولا الكلب لا حقيقة ولا بالعناية والمجاز، والنكتة في ذلك هي أن المتصف بالإنسانية حصة من الهيولي، وتزول تلك الحصة بزوال صورتها وهي الانسانية، والباقي هو الهيولي المشتركة بين جميع الأشياء، وهي بحدها لا تتصف بالإنسانية أصلا، بل لا يعقل اتصافها بها، وأما الحصة المتصفة بالترابية، فهي مباينة للحصة المتصفة بالإنسانية وهكذا، فلذلك لا يصح إطلاق العناوين الذاتية على الهيولي المشتركة ولا على حصة أخرى منها مباينة ولو مجازا، لعدم العلاقة المجوزة في البين، وهذا بخلاف الذات في باب العناوين الاشتقاقية، فإنها