وضعها شخصي فالظاهر أن الأمر أيضا كذلك كما تقدم.
الثالثة: أن القول بأن هيئة الفعل موضوعة للنسبة الناقصة وهيئة الجملة موضوعة للنسبة التامة، لا يرجع إلى معنى صحيح، بل لازم ذلك قيام نسبتين متباينتين في عرض واحد بمادة واحدة وطرفين آخرين، وهو غير معقول كما مر.
الرابعة: أنه لا فرق بين جملة (ضرب زيد) التي هي جملة فعلية وبين جملة (زيد ضرب) التي هي جملة اسمية، فكما أن هيئة الفعل في الجملة الأولى تدل على النسبة التامة بين المادة والذات المبهمة، وهيئة الجملة تدل على تعيين الذات المبهمة في فرد معين في الخارج كزيد مثلا فكذلك هيئة الفعل في الجملة الثانية، فإنها تدل على النسبة بين المادة والذات المبهمة المستترة فيه، وهيئة الجملة تدل على تعيين الذات المبهمة في فرد خاص، غاية الأمر أن هيئة الفعل في الجملة الأولى تدل على الذات المبهمة بالالتزام، على أساس دلالتها على وقوع المادة وتحققها خارجا، وأما في الجملة الثانية فتدل عليها بالمطابقة، وهي الضمير المستتر فيه.
ودعوى أن الجملة الثانية تنحل إلى جملتين صغيرة وكبيرة ومشتملة على نسبتين، فالصغيرة جملة فعلية تدل على النسبة بين المادة والفاعل المبهم وهو الضمير المستتر فيه، والكبيرة جملة اسمية تدل على النسبة بين المبتدأ والخبر وهو الجملة الفعلية، بينما الجملة الأولى لا تنحل إلى جملتين كذلك.
مدفوعة بأن هذا الانحلال وإن كان معروفا إلا أنه لا ملاك له، بل هي جملة واحدة كالجملة الأولى، غاية الأمر أن الفاعل في الجملة الأولى متأخر عن الفعل وفي الثانية متقدم عليه، ولكن هذا المقدار من الاختلاف لا يمثل الفرق بينهما واقعا وجوهرا.