وأما في هيئة المضروب فالأمر فيها أيضا كذلك، فإن للضرب نسبتين: نسبة إلى الفاعل، ونسبة إلى المفعول، وهاتان النسبتان أيضا متقابلتان بتقابل التضايف، فيستحيل انفكاك إحداهما عن الأخرى، وعلى هذا فهيئة المضروب على القول بالأعم موضوعة للجامع بين من يقع عليه الضرب فعلا ومن ينقضي عنه الضرب، أي الجامع بين المتلبس والمنقضي، وعلى القول الآخر موضوعة لخصوص من يقع عليه الضرب فعلا، وكذلك هيئة الضارب، فإنها على القول بالأعم موضوعة للجامع بين من يصدر منه الضرب بالفعل ومن ينقضي عنه صدور الضرب طالما يصدر من زيد مثلا ويقع على عمرو، فزيد متلبس بالضرب صدورا بالفعل وعمرو متلبس بالضرب وقوعا كذلك، وإذا انقطع صدور الضرب عنه انقطع وقوعه على عمرو أيضا، إذ لا يعقل الانفكاك بينهما، وعندئذ فكما يقع الكلام في أن إطلاق الضارب على زيد الذي انقضى عنه المبدأ هل هو حقيقي أو مجازي، فعلى القول بالأعم حقيقي، وعلى القول الآخر مجازي، فكذلك يقع في أن إطلاق المضروب على عمرو بعد انقضاء الضرب عنه، هل هو حقيقي أو مجازي، فعلى القول الأول حقيقي وعلى الثاني مجازي، ولا يمكن القول بأن هيئة المضروب موضوعة للأعم وهيئة الضارب لخصوص المتلبس رغم التقابل بينهما بتقابل التضايف، لأن زوال نسبة المبدأ عن الفاعل زوال نسبته عن المفعول أيضا، كما أن التلبس الأول بالمبدأ تلبس الثاني به أيضا، ولا يمكن التفكيك بينهما في ذلك، وعليه فالقول بأن هيئة المضروب موضوعة للأعم لا يمكن الا على القول بوضع المشتق له، لأنه متفرع عليه، فإذن لا فرق بين هيئة الضارب وهيئة المضروب، وكون هيئة المضروب خاصة موضوعة للأعم غير محتمل.
وعلى الجملة فإن كانت هيئة المضروب موضوعة لمن يقع عليه الضرب لكانت هيئة الضارب موضوعة لمن يصدر عنه الضرب بقرينة التقابل بينهما،