لأنهما من المقومات الذاتية لها كالجنس والفصل للنوع، فلذلك يكون المراد من النسبة الناقصة الحيثية القائمة بالمادة، وهي حيثية الصدور والحلول، فإنها إن أضيفت إلى الفاعل فالحيثية القائمة بها صدورية، وإن أضيفت إلى المفعول فهي حلولية، وهيئة الفعل تدل على أنها صدورية، وهي حالة قائمة بالمادة كقيام المعنى الحرفي بالمعنى الاسمي، وهي غير النسبة، ولهذا تكون قائمة بطرف واحد، وإن أريد ذلك، فيرد عليه أن هيئة الفعل كما مر تدل على النسبة التامة الصدورية بالمطابقة وعلى طرفيها بالالتزام، على أساس أنها لا تتصور إلا بين الفعل وفاعل ما، لا أنها تدل على حيثية الصدور فحسب دون النسبة الصدورية.
هذا إضافة إلى أنه إن أريد بالحيثية الصدورية الحالة القائمة بالمادة التي يستبطنها معناها، فالمادة تدل عليها لا هيئة الفعل، وإن أريد بها النسبة الصدورية وهي نسبة المادة إلى فاعل ما، فالدال عليها هيئة الفعل، فإنها إذا طرأت على المادة التي تتضمن حيثية الصدور، فتدل على النسبة الصدورية، لا من جهة أن حيثية الصدور مأخوذة في مدلولها، بل من جهة أنها من خصوصيات مادتها، وإذا طرأت على المادة التي تتضمن حيثية الحلول، فتدل على النسبة الحلولية بنفس ما مر من الملاك.
فالنتيجة أن هيئة الفعل الدالة على النسبة الواقعية التامة بالمطابقة، فلا محالة تدل على وجود طرفيها بالالتزام، وهما في المقام المادة والذات المبهمة، فإذن لا حاجة إلى وجود ما يدل في الكلام على الذات المبهمة لكي يقال إنه لا يوجد فيه ما يدل عليها.
ودعوى أن انفهام الذات المبهمة من الفعل خلاف الوجدان، مدفوعة بأنها وإن لم تكن جزء معنى الفعل إلا أنه يدل عليها بالالتزام كما مر وجدانا.