لأن النسبة في الجمل الناقصة تامة، ومع ذلك لا يصح السكوت عليها، والنكتة في ذلك أن النسبة متقومة ذاتا وحقيقة بشخص وجود طرفيها، ولا نعني بتماميتها إلا ثبوتها بثبوتهما في الذهن أو الخارج، باعتبار أنهما من المقومات الذاتية لها وبمثابة الجنس والفصل للنوع، فلذلك يدور أمرها بين كونها ثابتة أو غير ثابتة.
لا بين أنها بعد الثبوت تامة أو ناقصة.
وبكلمة، إن ثبوت النسبة إنما هي بثبوت طرفيها، فإذا كانا ثابتين في الذهن أو الخارج فالنسبة ثابتة، وإلا فلا نسبة، لا أنها ثابتة ناقصة، بداهة أنه لا يعقل ثبوت النسبة الناقصة بدون ثبوت طرفيها، ومع ثبوتهما فالنسبة تامة، وأما كون الجملة ناقصة، فهو ليس بملاك أن نسبتها ناقصة، بل بملاك آخر، وقد تقدم الكلام فيه موسعا، ومن هنا يكون المتفاهم العرفي الارتكازي من هيئة الفعل نسبة المادة إلى الفاعل المبهم في عالم الذهن، ومن الهيئة القائمة بالفعل والفاعل كقولك (ضرب زيد) تعيين الفاعل المبهم المستتر في فرد معين كزيد مثلا لا النسبة، لأن الدال عليها هيئة الفعل التي هي أسبق منها.
وأما الدعوى الثانية فقد ظهر حالها مما تقدم، وجه الظهور هو أنه لا يمكن القول بأن هيئة الفعل موضوعة للنسبة الناقصة، وهيئة الجملة موضوعة للنسبة التامة.
أما أولا فقد عرفت أن النسبة لا تتصف بالتمامية والنقصان، فإنها إمام ثابتة في وعائها أو لا، على أساس أن طرفيها إن كانا ثابتين فيه فهي ثابتة بثبوتهما، وإلا فلا ثبوت لها، ولا يعقل أن تكون النسبة ثابتة بثبوت طرفيها ومع ذلك تكون ناقصة، إلا أن يراد من نقصانها عدم صحة السكوت عليها، ولكن قد مر أن ذلك مرتبط بنقصان الجملة، بمعنى أنها لا تصلح أن تكون موردا للحكم