ويدل على ذلك أمران:
الأول: صحة إطلاق المعاملة على المعاملة الفاسدة كإطلاقها على المعاملة الصحيحة بلا فرق بينهما في ذلك، مثلا إطلاق البيع على البيع الفاسد كإطلاقه على البيع الصحيح على حد سواء، وهذا يكشف عن أن المعنى الموضوع له هو الجامع بين الصحيح والفاسد، واللفظ مستعمل فيه دائما، وإرادة كل من الخاص إنما هي بدال آخر من باب تعدد الدال والمدلول.
الثاني: أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله منذ بداية الوحي قد طرح نفس هذه الأسماء في نصوص الكتاب والسنة لإفادة معانيها على المجتمع الاسلامي من الصحابة والتابعين له بدون أي استغراب منهم على هذا الطرح، بل يظهر منها أنهم كانوا مأنوسين بها، وهذا يدل على أن المعاملات كانت موجودة بنفس تلك الأسامي قبل الاسلام ودارجة بها بين العرب في الجزيرة، إذ من الواضح أنها لو لم تكن دارجة بين الناس قبل الاسلام بنفس الأسامي الموجودة في نصوص الكتاب والسنة، بأن تكون موجودة بأسامي ولغات أخرى من العبرانية أو السريانية، لكان طرح النبي الأكرم صلى الله عليه وآله المعاملات منذ بداية الوحي بهذه الأسماء والألفاظ العربية الخاصة أمرا مستغربا عندهم، حيث إنهم كانوا مأنوسين بألفاظ أخرى دون هذه الألفاظ، فعدم استغرابهم من هذا الطرح، يكشف عن أنها كانت موجودة بنفس هذه الألفاظ قبل الاسلام، غاية الأمر أن الشارع بعد الاسلام قد اعتبر فيها جزءا أو شرطا أو مانعا لم يكن معتبرا فيها عند العقلاء ولا مانعا، ومن هنا لا ملازمة بين الصحيح لدى العقلاء والصحيح عند الشارع، فربما تكون المعاملة صحيحة عند العقلاء ولا تكون صحيحة عند الشارع.
فالنتيجة في نهاية المطاف أنه لا شبهة في أن المعاملات موضوعة للأعم