وأقره وأمضاه، فالممضى هو نفس التمليك المذكور الذي هو فعل البائع، وبعد تعلق الامضاء به اتصف بالشرعي، وعلى هذا الأساس فليس هنا فردان من التمليك لا في عالم الخارج ولا في عالم الاعتبار، بل فرد واحد من التمليك وهو المنشأ من البائع بالقصد والاختيار، وحينئذ فإذا تعلق به الامضاء من قبل الشارع صح إسناده إليه أيضا، فلا اختلاف بينهما إلا بالاعتبار والإضافة، فإنه باعتبار إضافته إلى الشارع مسبب، وباعتبار اضافته إلى البائع سبب.
وبكلمة أوضح إن الانشاء الشخصي الصادر من البائع في باب البيع كتمليك عين بعوض، تارة يكون موردا لامضاء الشارع إذا كان واجدا لشرائط الامضاء، وأخرى لا يكون موردا له كما إذا لم تتوفر فيه الشروط المعتبرة من قبل الشارع، ولكن يكون موردا لامضاء العقلاء بلحاظ توفر شروط إمضائهم فيه، وثالثة لا يكون موردا لا لهذا ولا لذاك.
أما على الأول، فلأن للمنشأ بهذا الانشاء الشخصي ثبوت وتحقق في عالم الاعتبار والانشاء لدى الشارع، وكان يتصف بالصفة الشرعية ويترتب عليه آثاره، ولا اثنينية بين ما يسمى بالسبب وما يسمى بالمسبب ذاتا وحقيقة، فالاختلاف بينهما إنما هو بالاعتبار، وعلى هذا الأساس لا معنى للنزاع في أن ألفاظ المعاملات موضوعة للسبب أو المسبب إلا إذا كانت حيثية إضافته إلى الشارع دخيله في المسمى، وهي غير محتملة.
وأما على الثاني، فلأن للمنشأ بهذا الانشاء الشخصي ثبوت وتحقق في عالم الاعتبار والانشاء لدى العقلاء دون الشرع، أي لا ثبوت له في هذا العالم لدى الشارع، ومن هنا يكون البيع صحيحا عند العقلاء ولا يكون صحيحا عند الشارع.