بألفاظ أخرى غير الألفاظ العربية التي يعبر بها عنها في الكتاب والسنة غير محتمل، ويؤكد ذلك أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله حينما طرح المعاملات بأساميها الخاصة على الناس منذ بداية الاسلام لم تكن هذه الأسامي غريبة عندهم، بل كانوا مأنوسين بها.
ومن هنا تفترق المعاملات عن العبادات، فإن العبادات حيث إنها ماهيات مخترعة عند الشارع بجميع أجزائها وشرائطها، فلو كانت موضوعة للصحيحة فلا يمكننا التمسك بإطلاقها عند الشك في جزئية شئ أو شرطية آخر، لاحتمال دخله في المسمى كما سبق، وهذا بخلاف المعاملات، فإنها ماهيات مخترعة عند العرف والعقلاء، فلو شككنا في اعتبار شئ فيها شرعا، فيكون الشك في اعتبار أمر زائد على ما كان معتبرا عندهم، وفي مثله لا مانع من التمسك بالاطلاق ولو على القول بكونها موضوعة للصحيحة عندهم.
نعم لو شككنا في اعتبار شئ فيها عرفا كاعتبار المالية مثلا أو نحوها، فلا يمكننا التمسك بالاطلاق، لعدم إحراز صدق البيع على فاقد المالية أو نحوها على القول بالوضع للصحيح.
والخلاصة أن محل النزاع إنما هو في وضع المعاملات للصحيحة أو الأعم بنظر العقلاء دون الشرع، إذ لو كانت موضوعة للصحيحة لدى الشرع، لأدى ذلك إلى كون أدلة الامضاء كقوله تعالى: (أحل الله البيع)، و (تجارة عن تراض) ونحوهما لغوا، فإن مرد ذلك إلى قولنا البيع الصحيح صحيح، التجارة الصحيحة صحيحة وهكذا، فلذلك لا يمكن أن يكون محل النزاع في الوضع للصحيحة أو الأعم بنظر الشرع، بل يتعين أن يكون بنظر العقلاء فقط (1).