أختلف في لقمان هل هو عجمي أم عربي؟ مشتق من اللقم، فمن قال إنه عجمي منعه للتعريف والعجمة، ومن قال إنه عربي منعه للتعريف ولزيادة الألف والنون. واختلفوا أيضا هو نبي أم رجل صالح؟ فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه ليس بنبي. وحكى الواحدي عن عكرمة والسدي والشعبي أنه كان نبيا، والأول أرجح لما سيأتي في آخر البحث. وقيل لم يقل بنبوته إلا عكرمة فقط، مع أن الراوي لذلك عنه جابر الجعفي وهو ضعيف جدا. وهو لقمان بن باعورا ابن ناحور بن تارخ، وهو آزر أبو إبراهيم، وقيل هو لقمان بن عنقا بن مروان، وكان نوبيا من أهل أيلة ذكره السهيلي. قال وهب: هو ابن أخت أيوب. وقال مقاتل: هو ابن خالته، عاش ألف سنة وأخذ عنه العلم، وكان يفتي قبل مبعث داود، فلما بعث داود قطع الفتوى، فقيل له؟ فقال ألا أكتفي إذ كفيت. قال الواقدي: كان قاضيا في بني إسرائيل، والحكمة التي آتاه الله هي الفقه والعقل والإصابة في القول وفسر الحكمة من قال بنبوته بالنبوة (أن اشكر لي) أن هي المفسرة، لأن في إيتاء الحكمة معنى القول. وقيل التقدير قلنا له أن اشكر لي. وقال الزجاج: المعنى ولقد آتينا لقمان الحكمة لأن اشكر لي. وقيل بأن اشكر لي فشكر فكان حكيما بشكره والشكر لله الثناء عليه في مقابلة النعمة وطاعته فيما أمر به. ثم بين سبحانه أن الشكر لا ينتفع به إلا الشاكر، فقال (ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه) لأن نفع ذلك راجع إليه وفائدته حاصلة له إذ به تستبقي النعمة وبسببه يستجلب المزيد لها من الله سبحانه (ومن كفر فإن الله غني حميد) أي من جعل كفر النعم مكان شكرها، فإن الله غني عن شكره غير محتاج إليه حميد مستحق للحمد من خلقه لإنعامه عليهم بنعمه التي لا يحاط بقدرها ولا يحصر عددها وإن لم يحمده أحد من خلقه، فإن كل موجود ناطق بحمده بلسان الحال. قال يحيى بن سلام: غني عن خلقه حميد في فعله (وإذ قال لقمان لابنه) قال السهيلي: اسم ابنه ثاران في قول ابن جرير والقتيبي. وقال الكلبي: مشكم. وقال النقاش أنعم. وقيل مأتان. قال القشيري: كان ابنه وامرأته كافرين فما زال يعظها حتى أسلما، وهذه الجملة معطوفة على ما تقدم، والتقدير: آتينا لقمان الحكمة حين جعلناه شاكرا في نفسه، وحين جعلناه واعظا لغيره. قال الزجاج: إذ في موضع نصب بآتينا. والمعنى: ولقد آتينا لقمان الحكمة إذ قال. قال النحاس: وأحسبه غلطا لأن في الكلام واوا وهي تمنع من ذلك، ومعنى (وهو يعظه)
(٢٣٧)