الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا، فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله) فأما الذين سبقوا فأولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب. وأما الذين اقتصدوا فأولئك يحاسبون حسابا يسيرا. وأما الذين ظلموا أنفسهم، فأولئك الذين يحبسون في طول المحشر، ثم هم الذين تلافاهم الله برحمته، فهم الذين يقولون (الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور) إلى آخر الآية. " قال البيهقي: إذا كثرت روايات في حديث ظهر أن للحديث أصلا، وفي إسناد أحمد محمد بن إسحاق، وفي إسناد ابن أبي حاتم رجل مجهول، لأنه رواه من طريق الأعمش عن رجل عن أبي ثابت عن أبي الدرداء، ورواه ابن جرير عن الأعمش قال: ذكر أبو ثابت. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " أمتي ثلاث أثلاث: فثلث يدخلون الجنة بغير حساب، وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ثم يدخلون الجنة، وثلث يمحصون ويكشفون ثم تأتي الملائكة فيقولون وجدناهم يقولون: لا إله إلا الله وحده، فيقول الله: أدخلوهم الجنة بقولهم لا إله إلا الله وحده واحملوا خطاياهم على أهل التكذيب، وهي التي قال الله - وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم - وتصديقها في التي ذكر في الملائكة. قال الله تعالى (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) فجعلهم ثلاثة أفواج. فمنهم ظالم لنفسه، فهذا الذي يكشف ويمحص، ومنهم مقتصد، وهو الذي يحاسب حسابا يسيرا.
ومنهم سابق بالخيرات، فهو الذي يلج الجنة بغير حساب ولا عذاب بإذن الله يدخلونها جميعا ". قال ابن كثير بعد ذكر هذا الحديث: غريب جدا. وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا ويجب المصير إليها، ويدفع بها قول من حمل الظالم لنفسه على الكافر، ويؤيدها ما أخرجه الطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أسامة بن زيد:
(فمنهم ظالم لنفسه) الآية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " كلهم من هذه الأمة، وكلهم في الجنة " وما أخرجه الطيالسي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم وابن مردويه عن عقبة بن صهبان قال: قلت لعائشة أرأيت قول الله (ثم أورثنا الكتاب) الآية، قالت: أما السابق، فمن مضى في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فشهد له بالجنة. وأما المقتصد فمن تبع آثارهم، فعمل بمثل عملهم حتى لحق بهم. وأما الظالم لنفسه، فمثلي ومثلك ومن اتبعنا، وكل في الجنة. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: هذه الأمة ثلاثة أثلاث يوم القيامة: ثلث يدخلون الجنة بغير حساب، وثلث يحاسبون حسابا يسيرا، وثلث يجيئون بذنوب عظام إلا أنهم لم يشركوا، فيقول الرب: أدخلوا هؤلاء في سعة رحمتي، ثم قرأ (ثم أورثنا الكتاب) الآية.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في البعث عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا نزع بهذه الآية (ثم أورثنا الكتاب) قال: ألا إن سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له. وأخرجه العقيلي وابن مردويه والبيهقي في البعث من وجه آخر عنه مرفوعا. وأخرجه ابن النجار من حديث أنس مرفوعا. وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب، والمقتصد يدخل الجنة برحمة الله، والظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عثمان بن عفان أنه نزع بهذه الآية، ثم قال: ألا إن سابقنا أهل جهادنا، ألا وإن مقتصدنا أهل حضرنا، ألا وإن ظالمنا أهل بدونا. وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في البعث عن البراء بن عازب في قوله (فمنهم ظالم لنفسه) الآية قال: أشهد على الله أنه يدخلهم جميعا الجنة. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن مردويه عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية " (ثم أورثنا الكتاب