الكلام في فاتحة هذه السورة قد مر في فاتحة الشعراء وغيرها فلا نعيده، وكذلك مر الكلام على قوله (تلك آيات الكتاب المبين) فاسم الإشارة مبتدأ خبره ما بعده، أو خبر مبتدأ محذوف وآيات بدل من اسم الإشارة، ويجوز أن يكون تلك في موضع نصب بنتلوا، والمبين المشتمل على بيان الحق من الباطل. قال الزجاج: مبين الحق من الباطل، والحلال من الحرام، وهو من أبان بمعنى أظهر (نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون) أي نوحي إليك من خبرهما ملتبسا بالحق، وخص المؤمنين لأن التلاوة إنما ينتفع بها المؤمن. وقيل إن مفعول نتلوا محذوف، والتقدير: نتلوا عليك شيئا من نبأهما، ويجوز أن تكون من مزيدة على رأي الأخفش: أي نتلوا عليك نبأ موسى وفرعون، والأولى أن تكون للبيان على تقدير المفعول كما ذكر، أو للتبعيض، ولا ملجئ للحكم بزيادتها، والحق الصدق، وجملة (إن فرعون علا في الأرض) وما بعدها مستأنفة مسوقة لبيان ما أجمله من النبأ. قال المفسرون: معنى علا تكبر وتجبر بسلطانه، والمراد بالأرض أرض مصر. وقيل معنى علا: ادعى الربوبية، وقيل علا عن عبادة ربه (وجعل أهلها شيعا) أي فرقا وأصنافا في خدمته يشايعونه على ما يريد ويطيعونه، وجملة (يستضعف طائفة منهم) مستأنفة مسوقة لبيان حال الأهل الذين جعلهم فرقا وأصنافا، ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال من فاعل جعل: أي جعلهم شيعا حال كونهم مستضعفا طائفة منهم، ويجوز أن تكون صفة لطائفة، والطائفة هم بنو إسرائيل، وجملة (يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم) بدل من الجملة الأولى، ويجوز أن تكون مستأنفة للبيان، أو حالا، أو صفة كالتي قبلها على تقدير عدم كونها بدلا منها، وإنما كان فرعون يذبح
(١٥٨)