يصب واستدل بعض المتأخرين لكونهما لم يشهدا بدرا بما وقع في قصة حاطب وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يهجره ولا عاقبه مع كونه جس عليه بل قال لعمر لما هم بقتله وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم قال وأين ذنب التخلف من ذنب الجس (قلت) وليس ما استدل به بواضح لأنه يقتضى أن البدري عنده إذا جنى جناية ولو كبرت لا يعاقب عليها وليس كذلك فهذا عمر مع كونه المخاطب بقصة حاطب فقد جلد قدامة بن مظعون الحد لما شرب الخمر وهو يدري كما تقدم وإنما لم يعاقب النبي صلى الله عليه وسلم حاطبا ولا هجره لأنه قبل عذره في أنه إنما كاتب قريشا خشية على أهله وولده وأراد أن يتخذ له عندهم يدا فعذره بذلك بخلاف تخلف كعب وصاحبيه فإنهم لم يكن لهم عذر أصلا والله أعلم (قوله لي فيهما أسوة) بكسر الهمزة ويجوز ضمها قال ابن التين التأسي بالنظير ينفع في الدنيا بخلاف الآخرة فقد قال تعالى ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم الآية (قوله فمضيت حين ذكر وهمالي) في رواية معمر فقلت والله لا أرجع إليه في هذا أبدا (قوله ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة) بالرفع وهو في موضع نصب على الاختصاص أي متخصصين بذلك دون بقية الناس (قوله حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي بالتي أعرف) وفي رواية معمر وتنكرت لنا الحيطان حتى ما هي بالحيطان التي نعرف وتنكر لنا الناس حتى ما هم الذين نعرف وهذا يجده الحزين والمهموم في كل شئ حتى قد يجده في نفسه وزاد المصنف في التفسير من طريق إسحاق بن راشد عن الزهري وما من شئ أهم إلى من أن أموت فلا يصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يموت فأكون من الناس بتلك المنزلة فلا يكلمني أحد منهم ولا يصلى على وعند ابن عائذ حتى وجلوا أشد الوجل وصاروا مثل الرهبان (قوله هل حرك شفتيه برد السلام على) لم يجزم كعب بتحريك شفتيه عليه السلام ولعل ذلك بسبب أنه لم يكن يديم النظر إليه من الخجل (قوله فأسارقه) بالسين المهملة وللقاف أي أنظر إليه في خفية (قوله من جفوة لناس) بفتح الجيم وسكون الفاء أي إعراضهم وفي رواية بن أبي شيبة وطفقنا نمشي في الناس لا يكلمنا أحد ولا يرد علينا سلاما (قوله حتى تسورت) أي علوت سور الدار (قوله جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمى وأحب الناس إلى) ذكر أنه ابن عمه لكونهما معا من بني سلمة وليس هو ابن عمه أخي أبيه الأقرب وقوله أنشدك بضم المعجمة وفتح أوله أي أسألك وقوله الله ورسوله أعلم ليس هو تكليما لكعب لأنه لم ينو به ذلك كما سيأتي تقريره (قوله وتوليت حتى 2 تسورت الحائط) وفي رواية معمر فلم أملك نفسي أن بكيت ثم اقتحمت الحائط خارجا (قوله إذا نبطي) بفتح النون والموحدة (قوله من أنباط أهل الشام) نسبة إلى استنباط الماء واستخراجه وهؤلاء كانوا في ذلك الوقت أهل الفلاحة وهذا النبطي الشامي كان نصرانيا كما وقع في رواية معمر إذا نصراني جاء بطعام له يبيعه ولم أقف على اسم هذا النصراني ويقال أن النبط ينسبون إلى نبط بن هانب بن أميم بن لاوذ بن سام بن نوح (قوله من ملك غسان) بفتح المعجمة وسين مهملة
(٩٠)