نزولها تأخر عن نزول يا أيها المدثر بالاتفاق لان أول يا أيها المدثر الامر بالانذار وذلك أول ما بعث وأول المزمل الامر بقيام الليل وترتيل القرآن فيقتضي تقدم نزول كثير من القرآن قبل ذلك وقد تقدم في تفسير المدثر أنه نزل من أولها إلى قوله والرجز فاهجر وفيها محصل ما يتعلق بالرسالة ففي الآية الأولى المؤانسة بالحالة التي هو عليها من التدثر إعلاما بعظيم قدره وفي الثانية الامر بالانذار قائما وحذف المفعول تفخيما والمراد القيام إما حقيقته أي قم من مضجعك أو مجازه أي قم مقام تصميم وأما الانذار فالحكمة في الاقتصار عليه هنا فإنه أيضا بعث مبشرا لان ذلك كان أول الاسلام فمتعلق الانذار محقق فلما أطاع من أطاع نزلت إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وفي الثالثة تكبير الرب تمجيدا وتعظيما ويحتمل الحمل على تكبير الصلاة كما حمل الامر بالتطهير على طهارة البدن والثياب كما تقدم البحث فيه وفي الآية الرابعة وأما الخامسة فهجران ما ينافي التوحيد وما يئول إلى العذاب وحصلت المناسبة بين السورتين المبتدأ بهما النزول فيما اشتملتا عليه من المعاني الكثيرة باللفظ الوجيز وفي عدة ما نزل من كل منهما ابتداء والله أعلم (قوله قال أبو سلمة وهي الأوثان التي كان أهل الجاهلية يعبدون) تقدم شرح ذلك في تفسير المدثر وتقدم الكثير من شرح حديث عائشة وجابر في بدء الوحي وبقيت منهما فوائد أخرتها إلى كتاب التعبير ليأخذ كل موضع ساقهما المصنف فيه مطولا بقسط من الفائدة (قوله ثم تتابع الوحي) أي استمر نزوله * (قوله باب قوله خلق الانسان من علق) ذكر فيه طرفا من الحديث الذي قبله برواية عقيل عن ابن شهاب واختصره جدا قال أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة وفي رواية الكشميهني الصادقة قال فجاءه الملك فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الأكرم وهذا في غاية الاجحاف ولا أظن يحيى بن بكير حدث البخاري به هكذا ولا كان له هذا التصرف وإنما هذا صنيع البخاري وهو دال على أنه كان يجيز الاختصار من الحديث إلى هذه الغاية * (قوله باب قوله اقرأ وربك الأكرم حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري ح وقال الليث حدثني عقيل قال قال محمد أخبرني عروة) أما رواية معمر فستأتي بتمامها في أول التعبير وأما رواية الليث فوصلها المصنف في بدء الوحي ثم في الذي قبله ثم في التعبير أخرجه في المواضع الثلاثة عن يحيى بن بكير عن الليث فأما في بدء الوحي فأفرده وأما في الذي قبله فاختصره جدا وساقه قبله بتمامه لكن قرنه برواية يونس وساقه على لفظ يونس وأما التعبير فقرنه برواية معمر وساقه على لفظ معمر أيضا ولكن لم يقع في شئ من المواضع المذكورة حدثني عقيل قال قال محمد وإنما في بدء الوحي عن عقيل عن ابن شهاب وكذا في بقية المواضع وكذا ذكره عن عبد الله بن يوسف عن الليث في الباب الذي بعد هذا وذكره في بدء الخلق عنه عن الليث بلفظ حدثني عقيل عن ابن شهاب ورواه أبو صالح عبد الله بن صالح عن الليث حدثني عقيل قال قال محمد بن شهاب فساقه بتمامه وقد ذكر المصنف متابعة أبي صالح في بدء الوحي وبينت هناك من وصلها ولله الحمد * (قوله باب الذي علم بالقلم) كذا لأبي ذر وسقطت الترجمة لغيره وأورد طرفا من حديث بدء الوحي عن عبد الله بن يوسف عن الليث مقتصرا منه على قوله فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خديجة فقال زملوني زملوني فذكر الحديث كذا فيه وقد ذكر من الحديث في ذكر الملائكة من
(٥٥٦)