فامتحنوهن هي أن يبايعهن بما تضمنته الآية المذكورة وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أنه صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر من النساء بالله ما خرجت إلا رغبة في الاسلام وحبا لله ورسوله وأخرج عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد نحوه وزاد ولا خرج بك عشق رجل منا ولا فرار من زوجك وعند ابن مردويه وابن أبي حاتم والطبراني من حديث ابن عباس نحوه وسنده ضعيف ويمكن الجمع بين التحليف والمبايعة والله أعلم وذكر الطبري وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن المرأة من المشركين كانت إذا غضبت على زوجها قالت والله لأهاجرن إلى محمد فنزلت فامتحنوهن * (قوله باب إذا جاءك المؤمنات يبايعنك) سقط باب لغير أبي ذرو ذكر فيه أربعة أحاديث * الأول (قوله عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية) كذا قال عبد الوارث عن أيوب وقال سفيان بن عيينة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أم عطية أخرجه النسائي فكأن أيوب سمعه منهما جميعا وقد تقدم شرح هذا في الجنائز (قوله بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا ان لا يشركن بالله شيئا ونهانا عن النياحة) في رواية مسلم من طريق عاصم عن حفصة عن أم عطية قالت لما نزلت هذه الآية يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يعصينك في معروف كان منه النياحة (قوله فقبضت امرأة يدها) في رواية عاصم فقلت يا رسول الله إلا آل فلان فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية فلا بد من أن أسعدهم لم أعرف آل فلان المشار إليهم وفي رواية النسائي قلت إن امرأة أسعدتني في الجاهلية ولم أقف على اسم المرأة وتبين أن أم عطية في رواية عبد الوارث أبهمت نفسها (قوله أسعدتني فلانة فأريد أن أجزيها) وللنسائي في رواية أيوب فأذهب فأسعدها ثم أجيئك فأبايعك والاسعاد قيام المرأة مع الأخرى في النياحة تراسلها وهو خاص بهذا المعنى ولا يستعمل إلا في البكاء والمساعدة عليه ويقال إن أصل المساعدة وضع الرجل يده على ساعد الرجل صاحبه عند التعاون على ذلك (قوله فانطلقت ورجعت فبايعها) في رواية عاصم فقال إلا آل فلان وفي رواية النسائي قال فاذهبي فأسعديها قالت فذهبت فساعدتها ثم جئت فبايعت قال النووي هذا محمول على أن الترخيص لام عطية في آل فلان خاصة ولا تحل النياحة لها ولا لغيرها في غير آل فلان كما هو ظاهر الحديث وللشارع أن يخص من العموم من شاء بما شاء فهذا صواب الحكم في هذا الحديث كذا قال وفيه نظر إلا أن ادعى أن الذين ساعدتهم لم يكونوا أسلموا وفيه بعد وإلا فليدع مشاركتهم لها في الخصوصية وسأبين ما يقدح في خصوصية أم عطية بذلك ثم قال واستشكل القاضي عياض وغيره هذا الحديث وقالوا فيه أقوالا عجيبة ومقصودي التحذير من الاغترار بها فإن بعض المالكية قال النياحة ليست بحرام لهذا الحديث وإنما المحرم ما كان معه شئ من أفعال الجاهلية من شق جيب وخمش خد ونحو ذلك قال والصواب ما ذكرناه أولا وأن النياحة حرام مطلقا وهو مذهب العلماء كافة انتهى وقد تقدم في الجنائز النقل عن غير هذا المالكي أيضا أن النياحة ليست بحرام وهو شاذ مردود وقد أبداه القرطبي احتمالا ورده بالأحاديث الواردة في الوعيد على النياحة وهو دال على شدة التحريم لكن لا يمتنع أن يكون النهي أولا ورد بكراهة التنزيه ثم لما تمت مبايعة النساء وقع التحريم فيكون الاذن لمن ذكر وقع في الحالة الأولى لبيان الجواز ثم وقع التحريم فورد حينئذ الوعيد الشديد وقد لخص القرطبي بقية
(٤٨٩)