فيهم أبو بكر وعمر إلا لمنزلة لي عنده فأتيته حتى قعدت بين يديه فقلت يا رسول الله من أحب الناس إليك الحديث (قوله فعد رجالا) في رواية علي بن عاصم قال قلت في نفسي لا أعود لمثلها أسأل عن هذا وفي الحديث جواز تأمير المفضول على الفاضل إذا امتاز المفضول بصفة تتعلق بتلك الولاية ومزية أبي بكر على الرجال وبنته عائشة على النساء وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في المناقب ومنقبة لعمرو بن العاص لتأميره على جيش فيهم أبو بكر وعمر وإن كان ذلك لا يقتضى أفضليته عليهم لكن يقتضى أن له فضلا في الجملة وقد روينا في فوائد أبي بكر بن أبي الهيثم من حديث رافع الطائي قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم جيشا واستعمل عليهم عمرو بن العاص وفيهم أبو بكر قال وهي الغزوة التي يفتخر بها أهل الشام وروى أحمد والبخاري في الأدب وصححه أبو عوانة وابن حبان والحاكم من طريق علي بن رباح عن عمرو بن العاص قال بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني أن آخذ ثيابي وسلاحي فقال يا عمرو إني أريد أن أبعثك على جيش فيغنمك الله ويسلمك قلت أني لم أسلم رغبة في المال قال نعم المال الصالح للمرء الصالح وهذا فيه إشعار بأن بعثه عقب إسلامه وكان إسلامه في أثناء سنة سبع من الهجرة (قوله في آخر الحديث فسكت) بتشديد المثناة المضمومة هو مقول عمرو * (قوله باب ذهاب جرير) * أي ابن عبد الله البجلي (إلى اليمن) ذكر الطبراني من طريق إبراهيم بن جرير عن أبيه قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن أقاتلهم وأدعوهم أن يقولوا لا إله إلا الله فالذي يظهر أن هذا البعث غير بعثه إلى هدم ذي الخلصة ويحتمل أن يكون بعثه إلى الجهتين على الترتيب ويؤيده ما وقع عند ابن حبان في حديث جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا جرير إنه لم يبق من طواغيت الجاهلية إلا بيت ذي الخلصة فإنه يشعر بتأخير هذه القصة جدا وسيأتي في حجة الوداع أن جريرا شهدها فكأن إرساله كان بعدها فهدمها ثم توجه إلى اليمن ولهذا لما رجع بلغته وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (قوله حدثني عبد الله بن أبي شيبة) هو أبو بكر واسم أبيه محمد بن أبي شيبة واسمه إبراهيم بن عثمان العبسي بالموحدة الحافظ وابن إدريس هو عبد الله وقيس هو ابن أبي حازم والاسناد كله كوفيون (قوله كنت باليمن) في رواية أبي إسحاق عن جرير عند ابن عساكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى ذي عمرو وذي الكلاع يدعوهما إلى الاسلام فاسلما قال وقال لي ذو الكلاع ادخل على أم شرحبيل يعني زوجته وعند الواقدي في الردة بأسانيد متعددة نحو هذا (قوله فلقيت رجلين من أهل اليمن) في رواية الإسماعيلي كنت باليمن فأقبلت ومعي ذو الكلاع وذو عمرو وهذه الرواية أبين وذلك أن جريرا قضى حاجته من اليمن وأقبل راجعا يريد المدينة فصحبه من ملوك اليمن ذو الكلاع وذو عمرو فأما ذو الكلاع فهو بفتح الكاف وتخفيف اللام واسمه اسميفع بسكون المهملة وفتح الميم وسكون التحتانية وفتح الفاء وبعدها مهملة ويقال أيفع بن باكوراء ويقال ابن حوشب بن عمرو وأما ذو عمرو فكان أحد ملوك اليمن وهو من حمير أيضا ولم أقف على اسم غيره ولا رأيت من أخباره أكثر مما ذكر في حديث الباب وكانا عزما على التوجه إلى المدينة فلما بلغهما وفاة النبي صلى الله عليه وسلم رجعا إلى اليمن ثم هاجرا في زمن عمر (قوله لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك) أي حقا في رواية الإسماعيلي لئن كان كما تذكر وقوله لقد مر على أجله جواب لشرط مقدر أي أن أخبرتني بهذا أخبرك بهذا وهذا قاله ذو عمرو
(٦٠)