ما عرفته منهم من رقة قلوبهم عليه لشدة محبتهم له وسكت أنس عن جوابها رعاية لها ولسان حاله يقول لم تطب أنفسنا بذلك إلا أنا قهرناها على فعله امتثالا لامره وقد قال أبو سعيد فيما أخرجه البزار بسند جيد وما نفضنا أيدينا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا ومثله في حديث ثابت عن أنس عند الترمذي وغيره يريد أنهم وجدوها تغيرت عما عهدوه في حياته من الألفة والصفاء والرقة لفقدان ما كان يمدهم به من التعليم والتأديب ويستفاد من الحديث جواز التوجع للميت عند احتضاره بمثل قول فاطمة عليها السلام واكرب أباه وأنه ليس من النياحة لأنه صلى الله عليه وسلم أقرها على ذلك وأما قولها بعد أن قبض وا أبتاه الخ فيؤخذ منه أن تلك الألفاظ إذا كان الميت متصفا بها لا يمنع ذكره لها بعد موته بخلاف ما إذا كانت فيه ظاهرا وهو في الباطن بخلافه أولا يتحقق اتصافه بها فيدخل في المنع ونبه هنا على أن المزي ذكر كلام فاطمة هذا في مسند أنس وهو متعقب فإنه وإن كان أوله في مسنده لأن الظاهر أنه حضره لكن الأخير إنما هو من كلام فاطمة فحقه أن يذكر في رواية أنس عنها * (قوله باب آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم) ذكر فيه حديث عائشة وقد شرح في الحديث السابع من الباب الذي قبله وقول الزهري أخبرني سعيد بن المسيب في رجال من أهل العلم قد تقدم منهم عروة بن الزبير وكأن عائشة أشارت إلى ما أشاعته الرافضة أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى إلى علي بالخلافة وأن يوفي ديونه وقد أخرج العقيلي وغيره في الضعفاء في ترجمة حكيم بن جبير من طريق عبد العزيز ابن مروان عن أبي هريرة عن سلمان أنه قال قلت يا رسول الله إن الله لم يبعث نبيا إلا بين له من يلي بعده فهل بين لك قال نعم علي بن أبي طالب ومن طريق جرير بن عبد الحميد عن أشياخ من قومه عن سلمان قلت يا رسول الله من وصيك قال وصي وموضع سري وخليفتي على أهلي وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب ومن طريق أبي ربيعة الأيادي عن ابن بريدة عن أبيه رفعه لكل نبي وصي وإن عليا وصي وولدي ومن طريق عبد الله بن السائب عن أبي ذر رفعه أنا خاتم النبيين وعلى خاتم الأوصياء أوردها وغيرها ابن الجوزي في الموضوعات * (قوله باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم) أي في أي السنين وقعت (قوله عن يحيى) هو ابن أبي كثير (قوله لبث بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرا) هذا يخالف المروي عن عائشة عقبة أنه عاش ثلاثا وستين إلا أن يحمل على الغاء الكسر كما قيل مثله في حديث أنس المتقدم في باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب المناقب وأكثر ما قيل في عمره أنه خمس وستون سنة أخرجه مسلم من طريق عمار بن أبي عمار عن ابن عباس ومثله لأحمد عن يوسف ابن مهران عن ابن عباس وهو مغاير لحديث الباب لان مقتضاه أن يكون عاش ستين إلا أن يحمل على إلغاء الكسر أو على قول من قال إنه بعث ابن ثلاث وأربعين وهو مقتضى رواية عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه مكث بمكة ثلاث عشرة ومات ابن ثلاث وستين وفي رواية هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس لبث بمكة ثلاث عشرة وبعث لأربعين ومات وهو ابن ثلاث وستين وهذا موافق لقول الجمهور وقد مضى في باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم والحاصل أن كل من روى عنه من الصحابة ما يخالف المشهور وهو ثلاث وستون جاء عنه المشهور وهم ابن عباس وعائشة وأنس ولم يختلف على معاوية أنه عاش ثلاثا وستين وبه جزم سعيد بن المسيب والشعبي
(١١٤)