مردويه من وجه آخر عن كعب بن مالك لما نزلت توبتي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقبلت يده وركبته (قوله إن من توبتي أن أنخلع من مالي) أي أخرج من جميع مالي (قوله صدقة) هو مصدر في موضع الحال أي متصدقا أو ضمن أنخلع معنى أتصدق وهو مصدر أيضا وقوله أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك في رواية أبي داود عن كعب أنه قال أن من توبتي أن أخرج من مالي كله إلى الله ورسوله صدقة قال لا قلت نصفه قال لا قلت فثلثه قال نعم ولابن مردويه من طريق ابن عيينة عن الزهري فقال النبي صلى الله عليه وسلم يجزي عنك من ذلك الثلث ونحوه لأحمد في قصة أبي لبابة حين قال أن من توبتي أن انخلع من مالي كله صدقة لله ورسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم يجزي عنك الثلث (قوله فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله) أي أنعم عليه وقوله في صدق الحديث مذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني وكذلك قوله بعد ذلك فوالله ما أنعم الله على من نعمة قط بعد أن هداني إلى الاسلام أعظم من صدقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ففي قوله أحسن وأعظم شاهد على أن هذا السياق يورد ويراد به نفي الأفضلية لا المساواة لان كعبا شاركه في ذلك رفيقان وقد نفى أن يكون أحد حصل له أحسن مما حصل له وهو كذلك لكنه لم ينف المساواة (قوله أن لا أكون كذبته) لا زائدة كما نبه عليه عياض (قوله وكنا تخلفنا) بضم أوله وكسر اللام وفي رواية مسلم وغيره خلفنا بضم المعجمة من غير شئ قبلها (قوله وأرجأ) مهموزا أي أخر وزنا ومعنى وحاصله أن كعبا فسر قوله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا أي أخروا حتى تاب الله عليهم لا أن المراد أنهم خلفوا عن الغزو وفي تفسير عبد الرزاق عن معمر عمن سمع عكرمة في قوله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا قال خلفوا عن التوبة ولابن جرير من طريق قتادة نحوه قال ابن جرير فمعنى الكلام لقد تاب الله على الذين أخرت توبتهم وفي قصة كعب من الفوائد غير ما تقدم جواز طلب أموال الكفار من ذوي الحرب وجواز الغزو في الشهر الحرام والتصريح بجهة الغزو إذا لم تقتض المصلحة ستره وأن الامام إذا استنفر الجيش عموما لزمهم النفير ولحق اللوم بكل فرد فرد أن لو تخلف وقال السهيلي إنما اشتد الغضب على من تخلف وأن كان الجهاد فرض كفاية لكنه في حق الأنصار خاصة فرض عين لانهم بايعوا عل ذلك ومصداق ذلك قولهم وهم يحفرون الخندق نحن الذين بايعوا محمدا * على الجهاد ما بقينا أبدا فكان تخلفهم عن هذه الغزوة كبيرة لأنها كالنكث لبيعتهم كذا قال ابن بطال قال السهيل ولا أعرف له وجها غير الذي قال (قلت) وقد ذكرت وجها غير الذي ذكره ولعله أقعد ويؤيده قوله تعالى ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول الله الآية وعند الشافعية وجه أن الجهاد كان فرض عين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فعلى هذا فيتوجه العتاب على من تخلف مطلقا وفيها أن العاجز عن الخروج بنفسه أو بماله لا لوم عليه واستخلاف من يقوم مقام الامام على أهله والضعفة وفيها ترك قتل المنافقين ويستنبط منه ترك
(٩٣)