قتل الزنديق إذا أظهر التوبة وأجاب من أجازه بأن الترك كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لمصلحة التأليف على الاسلام وفيها عظم أمر المعصية وقد نبه الحسن البصري على ذلك فيما أخرجه ابن أبي حاتم عنه قال يا سبحان الله ما أكل هؤلاء الثلاثة مالا حراما ولا سفكوا دما حراما ولا أفسدوا في الأرض أصابهم ما سمعتم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت فيكف بمن يواقع الفواحش والكبائر وفيها أن القوي في الدين يؤاخذ بأشد مما يؤاخذ الضعيف في الدين وجواز إخبار المرء عن تقصيره وتفريطه وعن سبب ذلك وما آل إليه أمره تحذيرا ونصيحة لغيره وجواز مدح المرء بما فيه من الخير إذا أمن الفتنة وتسليته نفسه بما لم يحصل له بما وقع لنظيره وفضل أهل بدر والعقبة والحلف للتأكيد من غير استحلاف والتورية عن المقصد ورد الغيبة وجواز ترك وطئ الزوجة مدة وفيه أن المرء إذا لاحت له فرصة في الطاعة فحقه أن يبادر إليها ولا يسوف بها لئلا يحرمها كما قال تعالى استجيبوا لله وللرسول إذ دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ومثله قوله تعالى ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونسأل الله تعالى أن يلهمنا المبادرة إلى طاعته وأن لا يسلبنا ما خولنا من نعمته وفيها جواز تمنى ما فات من الخير وأن الامام لا يهمل من تخلف عنه في بعض الأمور بل يذكره ليراجع التوبة وجواز الطعن في الرجل بما يغلب على اجتهاد الطاعن عن حمية لله ورسوله وفيها جواز الرد على الطاعن إذا غلب على ظن الراد وهم الطاعن أو غلطه وفيها أن المستحب للقادم أن يكون على وضوء وأن يبدأ بالمسجد قبل بيته فيصلى ثم يجلس لمن يسلم عليه ومشروعية السلام على القادم وتلقيه والحكم بالظاهر وقبول المعاذير واستحباب بكاء العاصي أسفا على ما فاته من الخير وفيها إجراء الاحكام على الظاهر ووكول السرائر إلى الله تعالى وفيها ترك السلام على من أذنب وجواز هجره أكثر من ثلاث وأما النهي عن الهجر فوق الثلاث فمحمول على من لم يكن هجرانه شرعيا وأن التبسم قد يكون عن غضب كما يكون عن تعجب ولا يختص بالسرور ومعاتبة الكبير أصحابه ومن يعز عليه دون غيره وفيها فائدة الصدق وشؤم عاقبة الكذب وفيها العمل بمفهوم اللقب إذا حفته قرينة لقوله صلى الله عليه وسلم لما حدثه كعب أما هذا فقد صدق فأنه يشعر بأن من سواه كذب لكن ليس على عمومه في حق كل أحد سواه لان مرارة وهلالا أيضا قد صدقا فيختص الكذب بمن حلف واعتذر لا بمن اعترف ولهذا عاقب من صدق بالتأديب الذي ظهرت فائدته عن قرب وأخر من كذب للعقاب الطويل وفي الحديث الصحيح إذا أراد الله بعبد خيرا عجل له عقوبته في الدنيا وإذا أراد به شرا أمسك عنه عقوبته فيرد القيامة بذنوبه قيل وإنما غلظ في حق هؤلاء الثلاثة لانهم تركوا الواجب عليهم من غير عذر ويدل عليه قوله تعالى ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول الله وقول الأنصار نحن الذين بايعوا محمدا * على الجهاد ما بقينا أبدا وفيها تبريد حر المصيبة بالتأسي بالنظير وفيها عظم مقدار الصدق في القول والفعل وتعليق سعادة الدنيا والآخرة والنجاة من شرهما به وأن من عوقب بالهجر تعذر في التخلف عن صلاة الجماعة لان مرارة وهلالا لم يخرجا من بيوتهما تلك المدة وفيها سقوط رد السلام على المهجور عمن سلم عليه إذ لو كان واجبا لم يقل كعب هل حرك شفتيه برد السلام وفيها جواز دخول المرء دار جاره
(٩٤)