فيها مثل وكري الطائر فقعدت في أحدهما وقعد جبريل في الأخرى فسمت وارتفعت حتى سدت الخافقين وأنا أقلب طرفي ولو شئت أن أمس السماء لمسست فالتفت إلى جبريل كأنه جلس لأجلي وفتح بابا من أبواب السماء فرأيت النور الأعظم وإذا دونه الحجاب وفوقه الدر والياقوت فأوحى إلى عبده ما أوحى أخرجه البزار وقال تفرد به الحارث بن عمير وكان بصريا مشهورا (قلت) وهو من رجال البخاري (قوله وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب) هو دليل ثان استدلت به عائشة على ما ذهبت إليه من نفي الرؤية وتقريره أنه سبحانه وتعالى حصر تكليمه لغيره في ثلاثة أوجه وهي الوحي بان يلقى في روعه ما يشاء أو يكلمه بواسطة من وراء حجاب أو يرسل إليه رسولا فيبلغه عنه فيستلزم ذلك انتفاء الرؤية عنه حالة التكلم والجواب أن ذلك لا يستلزم نفي الرؤية مطلقا قاله القرطبي قال وعامة ما يقتضي نفي تكليم الله على غير هذه الأحوال الثلاثة فيجوز أن التكليم لم يقع حالة الرؤية (قوله ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب ثم قرأت وما تدري نفس ماذا تكسب غدا الخ) تقدم شرح ذلك واضحا في تفسير سورة لقمان (قوله ومن حدثك أنه كنتم فقد كذب ثم قرأت يا أيها الرسول بلغ الآية) يأتي شرحه في كتاب التوحيد (قوله ولكن رأى جبريل في صورته مرتين) في رواية الكشميهني ولكنه وهذا جواب عن أصل السؤال الذي سأل عنه مسروق كما تقدم بيانه وهو قوله ما كذب الفؤاد ما رأى وقوله ولقد رآه نزلة أخرى ولمسلم من وجه آخر عن مسروق أنه أتاه في هذه المرة في صورته التي هي صورته فسد أفق السماء وله في رواية داود بن أبي هند رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض وللنسائي من طريق عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود أبصر جبريل ولم يبصر ربه * (قوله باب فكان قاب قوسين أو أدنى حيث الوتر من القوس) تقدم هذا التفسير قريبا عن مجاهد وثبتت هذه الترجمة لأبي ذر وحده وهي عند الإسماعيلي أيضا وألقاب ما بين القبضة والسية من القوس قال الواحدي هذا قول جمهور المفسرين أن المراد القوس التي يرمي بها قال وقيل المراد بها الذراع لأنه يقاس بها الشئ (قلت) وينبغي أن يكون هذا القول هو الراجح فقد أخرج ابن مردويه بإسناد صحيح عن ابن عباس قال ألقاب القدر والقوسين الذراعان ويؤيده أنه لو كان المراد به القوس التي يرمي بها لم يمثل بذلك ليحتاج إلى التثنية فكان يقال مثلا قاب رمح أو نحو ذلك وقد قيل إنه على القلب والمراد فكأن قابي قوس لان ألقاب ما بين المقبض إلى السية فلكل قوس قابان بالنسبة إلى خالفته وقوله أو أدنى أي أقرب قال الزجاج خاطب الله العرب بما ألفوا والمعنى فيما تقدرون أنتم عليه والله تعالى عالم بالأشياء على ما هي عليه لا تردد عنده وقيل أو بمعنى بل والتقرير بل هو أقرب من القدر المذكور وسيأتي بيان الاختلاف في معنى قوله فتدلى في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى (قوله حدثنا عبد الواحد) هو ابن زياد وسليمان هو الشيباني وزر هو بن حبيش (قوله عن عبد الله فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى قال حدثنا بن مسعود أنه رأى جبريل) هكذا أورده والمراد بقوله عن عبد الله وهو ابن مسعود أنه قال في تفسير هاتين الآيتين ما سأذكره ثم استأنف فقال حدثنا ابن مسعود وليس المراد أن ابن مسعود حدث عبد الله كما هو ظاهر السياق بل عبد الله هو ابن مسعود وقد أخرجه في الباب الذي يليه من وجه آخر عن الشيباني فقال سألت زرا عن قوله فذكره ولا إشكال في
(٤٦٩)