الحرم حتى قال أبو طالب في قصيدته المشهورة وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة * على قدميه حافيا غير ناعل وفي موطأ ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن أنس قال رأيت المقام فيه أصابع إبراهيم وأخمص قدميه غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم وأخرج الطبري في تفسيره من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في هذه الآية إنما أمروا أن يصلوا عنده ولم يؤمروا بمسحه قال ولقد ذكر لنا من رأى أثر عقبة وأصابعه فيها فما زالوا يمسحونه حتى اخلولق وانمحى وكان المقام من عهد إبراهيم لزق البيت إلى أن آخره عمر رضي الله عنه إلى المكان الذي هو فيه الآن أخرجه عبد الرزاق في مصنفه بسند صحيح عن عطاء وغيره وعن مجاهد أيضا وأخرج البيهقي عن عائشة مثله بسند قوي ولفظه أن المقام كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي زمن أبي بكر ملتصقا بالبيت ثم أخره عمر وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي حوله والأول أصح وقد أخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح عن ابن عيينة قال كان المقام في سقع البيت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فحوله عمر فجاء سيل فذهب به فرده عمر إليه قال سفيان لا أدرى أكان لاصقا بالبيت أم لا انتهى ولم تنكر الصحابة فعل عمر ولا من جاء بعدهم فصار إجماعا وكان عمر رأى أن ابقاءه يلزم منه التضييق على الطائفين أو على المصلين فوضعه في مكان يرتفع به الحرج وتهيأ له ذلك لأنه الذي كان أشار باتخاذ مصلى وأول من عمل عليه المقصورة الموجودة الآن (قوله باب وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت) ساق إلى العليم (قوله القواعد أساسه واحدتها قاعدة) قال أبو عبيدة في قوله تعالى وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت قال قواعده أساسه وقال الفراء يقال القواعد أساس البيت قال الطبري اختلفوا في القواعد التي رفعها إبراهيم وإسماعيل أهما أحدثاها أم كانت قبلهما ثم روى بسند صحيح عن ابن عباس قال كانت قواعد البيت قبل ذلك ومن طريق عطاء قال قال آدم أي رب لا أسمع أصوات الملائكة قال ابن لي بيتا ثم احفف به كما رأيت الملائكة تحف بيتي الذي في السماء فيزعم الناس أنه بناه من خمسة أجبل حتى بناه إبراهيم بعد وقد تقدم بزيادة فيه في قصة إبراهيم عليه السلام من أحاديث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (قوله والقواعد من النساء واحدتها قاعد) أراد الإشارة إلى أن لفظ الجمع مشترك وتظهر التفرقة بالواحد فجمع النساء اللواتي قعدن عن الحيض والاستمتاع قاعد بلا هاء ولولا تخصيصهن بذلك لثبت الهاء نحو قاعدة من القعود المعروف ثم ذكر المصنف حديث عائشة في بناء قريش البيت وقد سبق بسطه في كتاب الحج * (قوله باب قولوا آمنا بالله) سقط لفظ باب لغير أبي ذر (قوله كان أهل الكتاب) أي اليهود (قوله لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم) أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملا لئلا يكون في نفس الامر صدقا فتكذبوه أو كذبا فتصدقوه فتقعوا في الحرج ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه ولا عن تصديقهم فيما ورد شرعنا بوفاقه نبه على ذلك الشافعي رحمه الله ويؤخذ من هذا الحديث التوقف عن الخوض في المشكلات والجزم فيها بما يقع في الظن وعلى هذا يحمل ما جاء عن السلف من ذلك (قوله وقولوا آمنا بالله وما انزل إلينا الآية) زاد في الاعتصام وما أنزل إليكم وزاد الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن محمد بن المثنى عن عثمان بن عمر بهذا
(١٢٩)