بضم الدال (من جرأتي) بضم الجيم وسكون الراء بعدها همزة أي إقدامي عليه وقد بينا توجيه ذلك (قوله والله ورسوله أعلم) ظاهره أنه قول عمر ويحتمل أن يكون قول ابن عباس وقد روى الطبري من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس في نحو هذه القصة قال ابن عباس فالله أعلم أي صلاة كانت وما خادع محمد أحدا قط وقال بعض الشراح يحتمل أن يكون عمر ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم حين تقدم للصلاة على عبد الله بن أبي كان ناسيا لما صدر من عبد الله بن أبي وتعقب بما في السايق من تكرير المراجعة فهي دافعة لاحتمال النسيان وقد صرح في حديث الباب بقوله فلما أكثرت عليه قال فذل على أنه كان ذاكرا * (قوله باب ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) ظاهر الآية أنها نزلت في جميع المنافقين لكن ورد ما يدل على أنها نزلت في عدد معين منهم قال الواقدي أنبأنا معمر عن الزهري قال قال حذيفة قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إني مسر إليك سرا فلا تذكره لاحد أني نهيت أن أصل على فلان وفلان رهط ذوي عدد من المنافقين قال فلذلك كان عمر إذا أراد أن يصلي على أحد استتبع حذيفة فإن مشى معه وإلا لم يصل عليه ومن طريق أخرى عن جبير ابن مطعم أنهم أثنا عشر رجلا وقد تقدم حديث حذيفة قريبا أنه لم يبق منهم غير رجل واحد ولعل الحكمة في اختصاص المذكورين بذلك أن الله علم أنهم يموتون على الكفر بخلاف من إنما خيرني الله أو أخبرني الله كذا وقع بالشك والأول بمعجمة مفتوحة وتحتانية ثقيلة من التخيير والثاني بموحدة من الاخبار وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن أبي ضمرة الذي أخرجه البخاري من طريقه بلفظ إنما خيرني الله بغير شك وكذا في أكثر الروايات بلفظ التخيير أي بين الاستغفار وعدمه كما تقدم واستشكل فهم التخيير من الآية حتى أقدم جماعة من الأكابر على الطعن في صحة هذا الحديث مع كثرة طرقه وانفاق الشيخين وسائر الذين خرجوا الصحيح على تصحيحه وذلك ينادي على منكري صحته بعدم معرفة الحديث وقلة الاطلاع على طرقه قال ابن المنير مفهوم الآية نزلت فيه الاقدام حتى أنكر القاضي أبو بكر صحة الحديث وقال لا يجوز أن يقبل هذا ولا يصح أن الرسول قاله انتهى ولفظ القاضي أبي بكر الباقلاني في التقريب هذا الحديث من أخبار الآحاد التي لا يعلم ثبوتها وقال إمام الحرمين في مختصره هذا الحديث غير مخرج في الصحيح وقال في البرهان لا يصححه أهل الحديث وقال الغزالي في المستصفى الاظهر أن هذا الخبر غير صحيح وقال الداودي الشارح هذا الحديث غير محفوظ والسبب في إنكارهم صحته ما تقرر عندهم مما قدمناه وهو الذي فهمه عمر رضي الله عنه من حمل أو على التسوية لما يقتضيه سياق القصة وحمل السبعين على المبالغة قال ابن المنير ليس عند أهل البيان تردد أن التخصيص بالعدد في هذا السياق غير مراد انتهى وأيضا فشرط القول بمفهوم الصفة وكذا العدد عندهم مماثلة المنطوق للمسكوت وعدم فائدة أخرى وهنا للمبالغة فائدة واضحة فأشكل قوله سأزيده على السبعين مع أن حكم ما زاد عليها حكمها وقد أجاب بعض المتأخرين عن ذلك بأنه إنما قال سأزيد على السبعين استمالة لقلوب عشيرته لا أنه أراد أن زاد على السبعين يغفر له ويؤيده تردده في ثاني حديثي الباب حيث قال لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت
(٢٥٥)