يستقسمون عنده حتى نهاهم الاسلام وكأن الذي استقسم عنده بعد ذلك لم يبلغه التحريم أو لم يكن أسلم حتى زجره جرير (قوله ثم بعث جرير رجلا من أحمس يكنى أبا أرطاة) بفتح الهمز وسكون الراء بعدها مهملة وبعد الألف هاء تأنيث واسم أبي أرطاة هذا حصين بن ربيعة وقع مسمى في صحيح مسلم ولبعض رواته حسين بسين مهملة بدل الصاد وهو تصحيف ومنهم من سماه حصن بكسر أول وسكون ثانيه وقلبه بعض الرواة فقال ربيعة بن حصين ومنهم من سماه أرطاة والصواب أبو أرطاة حصين بن ربيعة وهو ابن عامر بن الأزور وهو صحابي يجلى لم أر له ذكرا إلا في هذا الحديث (قوله كأنها جمل أجرب) بالجيم والموحدة هو كناية عن نزع زينتها وإذهاب بهجتها وقال الخطابي المراد أنها صارت مثل الجمل المطلى بالقطران من جربه إشارة إلى أنها صارت سوداء لما وقع فيها من التحريق ووقع لبعض الرواة وقيل إنها رواية مسدد أجوف بواو بدل الراء وفاء بدل الموحدة والمعنى أنها صارت صورة بغير معنى والأجوف الخالي الجوف مع كبره في الظاهر ووقع لابن بطال معنى قوله أجرب أي أسود ومعنى قوله أجوف أي أبيض وحكاه عن ثابت السرقسطي وأنكره عياض وقال هو تصحيف وإفساد للمعنى كذا قال فإن أراد إنكار تفسير أجوف بأبيض فمقبول لأنه يضاد معنى الأسود وقد ثبت أنه حرقها والذي يحرق يصير أثره أسود لا محالة فيه فكيف يوصف بكونه أبيض وإن أراد إنكار لفظ أجوف فلا إفساد فيه فإن المراد أنه صار خاليا لا شئ فيه كما قررته وفي الحديث مشروعية إزالة ما يفتتن به الناس من بناء وغيره سواء كان إنسانا أو حيوانا أو جمادا وفيه استمالة نفوس القوم بتأمير من هو منهم والاستمالة بالدعاء والثناء والبشارة في الفتوح وفضل ركوب الخيل في الحرب وقبول خبر الواحد والمبالغة في نكاية العدو ومناقب لجرير ولقومه وبركة يد النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه وأنه كان يدعو وترا وقد يجاوز الثلاث وفيه تخصيص لعموم قول أنس كان إذا دعا دعا ثلاثا فيحمل على الغالب وكأن الزيادة لمعنى اقتضى ذلك وهو ظاهر في أحمس لما اعتمدوه من دحض الكفر ونصر الاسلام ولا سيما مع القوم الذين هم منهم * (قوله باب غزوة ذات السلاسل) تقدم ضبطها وبيان الاختلاف فيها في أواخر مناقب أبي بكر قيل سميت ذات السلاسل لان المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض مخافة أن يفروا وقيل لان بها ماء يقال له السلسل وذكر ابن سعد أنها وراء وادي القرى وبينها وبين المدينة عشرة أيام قال وكانت في جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة وقيل كانت سنة سبع وبه جزم ابن أبي خالد في كتاب صحيح التاريخ ونقل ابن عساكر الاتفاق على أنها كانت بعد غزوة مؤتة إلا ابن إسحاق فقال قبلها (قلت) وهو قضية ما ذكر عن بن سعد وابن أبي خالد (قوله وهي غزوة لخم وجذام قاله إسماعيل بن أبي خالد) وعند بن إسحاق أنه ماء لبني جذام ولخم أما لخم فيفتح اللام وسكون المعجمة قبيلة كبيرة شهيرة ينسبون إلى لخم واسمه مالك بن عدي ابن الحرث بن مرة بن أدد وأما جذام فبضم الجيم بعدها معجمة خفيفة قبيلة كبيرة شهيرة أيضا ينسبون إلى عمرو بن عدي وهم إخوة لخم على المشهور وقيل هم من ولد أسد بن خزيمة (قوله وقال بن إسحاق عن يزيد عن عروة هي بلاد بلى وعذرة وبني القين) أما يزيد فهو ابن رومان مدني مشهور وأما عروة فهو ابن الزبير بن العوام وأما القبائل التي ذكرها فالثلاثة بطون من قضاعة أما بلى فبفتح الموحدة وكسر اللام الخفيفة بعدها ياء النسب قبيلة كبيرة ينسبون إلى بلى بن عمرو
(٥٨)