ووقع في رواية ابن السكن فاتاه بعضهم بعضو منه فأكله قال عياض وهو الوجه (قلت) في رواية أحمد من طريق ابن جريج التي أخرجها منه البخاري وكان معنا منه شئ فأرسل به إليه بعض القوم فأكل منه ووقع في رواية أبي حمزة عن جابر عن ابن أبي عاصم في كتاب الأطعمة فلما قدموا ذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لو نعلم أنا ندركه لم يروح لأحببنا لو كان عندنا منه وهذا لا يخالف رواية أبي الزبير لأنه يحمل على أنه قال ذلك ازديادا منه بعد أن احضروا له منه ما ذكر أو قال ذلك قبل أن يحضروا له منه وكان الذي أحضروه معهم لم يروح فأكل منه والله أعلم وفي الحديث من الفوائد أيضا مشروعية المواساة بين الجيش عند وقوع المجاعة وأن الاجتماع على الطعام يستدعى البركة فيه وقد اختلفوا في سبب نهى أبي عبيدة قيسا أن يستمر على إطعام الجيش فقيل لخشية أن تفنى حمولتهم وفيه نظر لان القصة أنه اشترى من غير العسكر وقيل لأنه كان يستدين على ذمته وليس له مال فأريد الرفق به وهذا أظهر والله أعلم * (قوله حج أبي بكر بالناس في سنة تسع) كذا جزم به ونقل المحب الطبري عن صحيح ابن حبان أن فيه عن أبي هريرة لما قفل النبي صلى الله عليه وسلم من حنين اعتمر من الجعرانة وأمر أبا بكر في تلك الحجة قال المحب إنما حج أبو بكر سنة تسع والجعرانة كانت سنة ثمان قال وإنما حج فيها عتاب بن أسيد كذا قال وكأنه تبع الماوردي فأنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عتابا أن يحج بالناس عام الفتح والذي جزم به الأزرقي في أخبار مكة خلافه فقال لم يبلغنا أنه استعمل في تلك السنة على الحج أحدا وإنما ولى عتابا إمرة مكة فحج المسلمون والمشركون جميعا وكان المسلمون مع عتاب لكونه الأمير (قلت) والحق أنه لم يختلف في ذلك وإنما وقع الاختلاف في أي شهر حج أبو بكر فذكر ابن سعد وغيره بإسناد صحيح عن مجاهد أن حجة أبي بكر وقعت في ذي القعدة ووافقه عكرمة بن خالد فيما أخرجه الحاكم في الإكليل ومن عدا هذين إما مصرح بأن حجة أبي بكر كانت في ذي الحجة كالداودي وبه جزم من المفسرين الرماني والثعلبي والماوردي وتبعهم جماعة وإما ساكت والمعتمد ما قاله مجاهد وبه جزم الأزرقي ويؤيده أن ابن إسحاق صرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بعد أن رجع من تبوك رمضان وشوالا وذا القعد ثم بعث أبا بكر أميرا على الحج فهو ظاهر في أن بعث أبي بكر كان بعد انسلاخ ذي القعدة فيكون حجة في ذي الحجة على هذا والله أعلم واستدل بهذا الحديث على أن فرض الحج كان قبل حجة الوداع والأحاديث في ذلك كثيرة شهيرة وذهب جماعة إلى أن حج أبي بكر هذا لم يسقط عنه الفرض بل كان تطوعا قبل فرض الحج ولا يخفى ضعفه ولبسط تقرير ذلك موضع غير هذا وقال ابن القيم في الهدى ويستفاد أيضا من قول أبي هريرة في حديث الباب قبل حجة الوداع أنها كانت سنة تسع لان حجة الوداع سنة عشر اتفاقا وذكر ابن إسحاق أن خروج أبي بكر كان في ذي القعدة وذكر الواقدي أنه خرج في تلك الحجة مع أبي بكر ثلثمائة من الصحابة وبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين بدنة ثم ذكر المصنف في الباب حديثين * أحدهما حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في رهط يؤذن في الناس أن لا يحج بعد العام مشرك هكذا أورده مختصرا وسيأتي في تفسير سورة براءة تام السياق ويأتي تمام شرحه هناك * ثانيهما حديث البراء آخر سورة نزلت كاملة براءة الحديث وسيأتي شرحه في التفسير أيضا وبيان ما وقع فيه من الاشكال من قوله
(٦٥)