وجهه ومنه أسفر الصبح إذا أضاء واختلفوا في التفسير والتأويل قال أبو عبيدة وطائفة هما بمعنى وقيل التفسير هو بيان المراد باللفظ والتأويل هو بيان المراد بالمعنى وقيل في الفرق بينهما غير ذلك وقد بسطته في أواخر كتاب التوحيد (قوله الرحمن الرحيم اسمان من الرحمة) أي مشتقان من الرحمة والرحمة لغة الرقة والانعطاف وعلى هذا فوصفه به تعالى مجاز عن إنعامه على عباده وهي صفة فعل لا صفة ذات وقيل ليس الرحمن مشتقا لقولهم وما الرحمن وأجيب بأنهم جهلوا الصفة والموصوف ولهذا لم يقولوا ومن الرحمن وقيل هو علم بالغلبة لأنه جاء غير تابع لموصوف في قوله الرحمن على العرش استوى وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وغير ذلك وتعقب بأنه لا يلزم من مجيئه غير تابع أن لا يكون صفة لان الموصوف إذا علم جاز حذفه وابقاء صفته (قوله الرحيم والراحم بمعنى واحد كالعليم والعالم) هذا بالنظر إلى أصل المعنى وإلا فصيغة فعيل من صيغ المبالغة فمعناها زائد على معنى الفاعل وقد ترد صيغة فعيل بمعنى الصفة المشبهة وفيها أيضا زيادة لدلالتها على الثبوت بخلاف مجرد الفاعل فإنه يدل على الحدوث ويحتمل أن يكون المراد أن فعيلا بمعنى فاعل لا بمعنى مفعول لأنه قد يرد بمعنى مفعول فاحترز عنه واختلف هل الرحمن والرحيم بمعنى واحد كالندمان والنديم فجمع بينهما تأكيدا أو بينهما مغايرة بحسب المتعلق فهو رحمن الدنيا ورحيم الآخرة لان رحمته في الدنيا تعم المؤمن والكافر وفي الآخرة تخص المؤمن أو التغاير بجهة أخرى فالرحمن أبلغ لأنه يتناول جلائل النعم وأصولها تقول فلان غضبان إذا امتلأ غضبا وأردف بالرحيم ليكون كالتتمة ليتناول ما دق وقيل الرحيم أبلغ لما يقتضيه صيغة فعيل والتحقيق أن جهة المبالغة فيهما مختلفة وروى ابن جرير من طريق عطاء الخراساني أن غير الله لما تسمى بالرحمن كمسيلمة جئ بلفظ الرحيم لقطع التوهم فأنه لم يوصف بهما أحد إلا الله وعن ابن المبارك الرحمن إذا سئل أعطى والرحيم إذا لم يسأل يغضب ومن الشاذ ما روى عن المبرد وثعلب أن الرحمن عبراني والرحيم عربي وقد ضعفه ابن الأنباري والزجاج وغيرهما وقد وجد في اللسان العبراني لكن بالخاء المعجمة والله أعلم * (قوله باب ما جاء في فاتحة الكتاب) أي من الفضل أو من التفسير أو أعم من ذلك مع التقييد بشرطه في كل وجه (قوله وسميت أم الكتاب أنه) بفتح الهمزة (يبدأ بكتابتها في المصاحف ويبدأ بقراءتها في الصلاة) هو كلام أبي عبيدة في أول مجاز القرآن لكن لفظه ولسور القرآن أسماء منها أن الحمد لله تسمى أم الكتاب لأنه يبدأ بها في أول القرآن وتعاد قراءتها فيقرأ بها في كل ركعة قبل السورة ويقال لها فاتحة الكتاب لأنه يفتتح بها في المصاحف فتكتب قبل الجميع انتهى وبهذا تبين المراد مما اختصره المصنف وقال غيره سميت أم الكتاب لان أم الشئ ابتداؤه وأصله ومنه سميت مكة أم القرى لان الأرض دحيت من تحتها وقال بعض الشراح التعليل بأنها يبدأ بها يناسب تسميتها فاتحة الكتاب لا أم الكتاب والجواب أنه يتجه ما قال بالنظر إلى أن الام مبدأ الولد وقيل سميت أم القرآن لاشتمالها على المعاني التي في القرآن من الثناء على الله تعالى والتعبد بالامر والنهي والوعد والوعيد وعلى ما فيها من ذكر الذات والصفات والفعل واشتمالها على ذكر المبدأ والمعاد والمعاش ونقل السهيلي عن الحسن وابن سيرين ووافقهما بقي بن مخلد كراهية تسمية الفاتحة أم الكتاب وتعقبه السهيلي (قلت) وسيأتي في حديث
(١١٨)