بالتحريم أحيانا ووقع تحريم أربعة مطلقة من السنة فمعنى الحديث أن الأشهر رجعت إلى ما كانت عليه وبطل النسئ وقال الخطابي كانوا يخالفون بين أشهر السنة بالتحليل والتحريم والتقديم والتأخير لأسباب تعرض لهم منها استعجال الحرب فيستحلون الشهر الحرام ثم يحرمون بدله شهرا غيره فتتحول في ذلك شهور السنة وتتبدل فإذا أتى على ذلك عدة من السنين استدار الزمان وعاد الامر إلى أصله فاتفق وقوع حجة النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك * (تنبيه) * أبدى بعضهم لما استقر عليه الحال من ترتيب هذه الأشهر الحرم مناسبة لطيفة حاصلها أن للأشهر الحرم مزية على ما عداها فناسب أن يبدأ بها العام وأن تتوسطه وأن تختم به وإنما كان الختم بشهرين لوقوع الحج ختام الأركان الأربع لأنها تشتمل على عمل مال محض وهو الزكاة وعمل بدن محض وذلك تارة يكون بالجوارح وهو الصلاة وتارة بالقلب وهو الصوم لأنه كف عن المفطرات وتارة عمل مركب من مال وبدن وهو الحج فلما جمعهما ناسب أن يكون له ضعف ما لواحد منهما فكان له من الأربعة الحرم شهران والله أعلم * (قوله باب قوله ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا أي ناصرنا) قال أبو عبيدة في قوله تعالى أن الله معنا أي ناصرنا وحافظنا (قوله السكينة فعيلة من السكون) هو قول أبي عبيدة أيضا (قوله حدثنا عبد الله بن محمد) هو الجعفي وهو المذكور في جميع أحاديث الباب إلا الطريق الأخير وفي شيوخه عبد الله بن محمد جماعة منهم أبو بكر بن أبي شيبة ولكن حيث يطلق ذلك فالمراد به الجعفي لاختصاصه به وإكثاره عنه وحبان بفتح أوله ثم الموحدة الثقيلة هو ابن هلال وقد تقدم الحديث مع شرحه في مناقب أبي بكر (قوله حين وقع بينه وبين ابن الزبير) أي بسبب البيعة وذلك أن ابن الزبير حين مات معاوية أمتنع من البيعة ليزيد بن معاوية وأصر على ذلك حتى أغرى يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة بالمدينة فكانت وقعة الحرة ثم توجه الجيش إلى مكة فمات أميرهم مسلم بن عقبة وقام بأمر الجيش الشامي حصين بن نمير فحصر ابن الزبير بمكة ورموا الكعبة بالمنجنيق حتى احترقت ففجأهم الخبر بموت يزيد بن معاوية فرجعوا إلى الشام وقام ابن الزبير في بناء الكعبة ثم دعا إلى نفسه فبويع بالخلافة وأطاعه أهل الحجاز ومصر والعراق وخراسان وكثير من أهل الشام ثم غلب مروان على الشام وقتل الضحاك بن قيس الأمير من قبل ابن الزبير بمرج راهط ومضى مروان إلى مصر وغلب عليها وذلك كله في سنة أربع وستين وكمل بناء الكعبة في سنة خمس ثم مات مروان في سنة خمس وستين وقام عبد الملك ابنه مقامه وغلب المختار بن أبي عبيد على الكوفة ففر منه من كان من قبل ابن الزبير وكان محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية وعبد الله بن عباس مقيمين بمكة منذ قتل الحسين فدعاهما ابن الزبير إلى البيعة له فامتنعا وقالا لا نبايع حتى يجتمع الناس على خليفة وتبعهما جماعة على ذلك فشدد عليهم ابن الزبير وحصرهم فبلغ المختار فجهز إليهم جيشا فأخرجوهما واستأذنوهما في قتال ابن الزبير بعده إلى جهة رضوى جبل بينبع فأقام هناك ثم أراد دخول الشام فتوجه إلى نحو أيلة فمات في آخر سنة ثلاث أو أول سنة أربع وسبعين وذلك عقب قتل ابن الزبير على الصحيح وقيل عاش إلى سنة ثمانين أو بعد ذلك وعند الوافدي أنه مات بالمدينة سنة إحدى وثمانين وزعمت الكيسانية
(٢٤٥)