من قرأ بضم أوله فمن النسيان وكذلك كان سعيد بن المسيب يقرؤها فأنكر عليه سعد بن أبي وقاص أخرجه النسائي وصححه الحاكم وكانت قراءة سعد أو تنساها بفتح المثناة خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم واستدل بقوله تعالى سنقرئك فلا تنسى وروى ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال ربما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بالليل ونسيه بالنهار فنزلت واستدل بالآية المذكورة على وقوع النسخ خلافا لمن شذ فمنعه وتعقب بأنها قضية شرطية لا تستلزم الوقوع وأجيب بأن السياق وسبب النزول كان في ذلك لأنها نزلت جوابا لمن أنكر ذلك * (قوله باب وقالوا أتخذ الله ولدا سبحانه) كذا للجميع وهي قراءة الجمهور وقرأ ابن عامر قالوا بحذف الواو واتفقوا على أن الآية نزلت فيمن زعم أن لله ولدا من يهود خيبر ونصارى نجران ومن قال من مشركي العرب الملائكة بنات الله فرد الله تعالى عليهم (قوله قال الله تعالى) هذا من الأحاديث القدسية (قوله وأما شتمه إياي فقوله لي ولد) إنما سماه شتما لما فيه من التنقيص لان الولد إنما يكون عن والدة تحمله ثم تضعه ويستلزم ذلك سبق النكاح والناكح يستدعى باعثا له على ذلك والله سبحانه منزه عن جميع ذلك ويأتي شرحه في تفسير سورة الاخلاص * (قوله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) كذا لهم والجمهور على كسر الخاء من قوله واتخذوا بصيغة الامر وقرأ نافع وابن عامر بفتح الخاء بصيغة الخبر والمراد من أتبع إبراهيم وهو معطوف على قوله جعلنا فالكلام جملة واحدة وقيل على وإذ جعلنا فيحتاج إلى تقدير إذ ويكون الكلام جملتين وقيل على محذوف تقديره فثابوا أي رجعوا واتخذوا وتوجيه قراءة الجمهور أنه معطوف على ما تضمنه قوله مثابة كأنه قال ثوبوا واتخذوا أو معمول لمحذوف أي وقلنا اتخذوا ويحتمل أن يكون الواو للاستئناف * (قوله مثابة يثوبون يرجعون) قال أبو عبيدة قوله تعالى مثابة مصدر يثوبون أي يصيرون إليه ومراده بالمصدر اسم المصدر وقال غيره هو اسم مكان وروى الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله مثابة قال يأتونه ثم يرجعون إلى أهليهم ثم يعودون إليه لا يقضون منه وطرا قال الفراء المثابة والمثاب بمعنى واحد كالمقام والمقامة وقال البصريون الهاء للمبالغة لما كثر من يثوب إليه كما قالوا سيارة لمن يكثر السير والأصل في مثابة مثوبة فأعل بالنقل والقلب ثم ذكر المصنف حديث أنس عن عمر قال وافقت ربي في ثلاث وقد تقدم في أوائل الصلاة وتأتي قصة الحجاب في تفسير الأحزاب والتخيير في تفسير التحريم وقوله في الحديث فانتهيت إلى إحداهن يأتي الكلام عليه في باب غيرة النساء من أواخر كتاب النكاح (قوله وقال ابن أبي مريم الخ) تقدم أيضا في الصلاة وروى أبو نعيم في الدلائل من حديث ابن عمر أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عمر فمر به على المقام فقال له هذا مقام إبراهيم قال يا نبي الله إلا تتخذه مصلى فنزلت * (تكملة) * قال ابن الجوزي إنما طلب عمر الاستنان بإبراهيم عليه السلام مع النهي عن النظر في كتاب التوراة لأنه سمع قول الله تعالى في حق إبراهيم أني جاعلك للناس إماما وقوله تعالى أن أتبع ملة إبراهيم فعلم أن الائتمام بإبراهيم من هذه الشريعة ولكون البيت مضافا إليه وأن أثر قدميه في المقام كرقم الباني في البناء ليذكر به بعد موته فرأى الصلاة عند المقام كقراءة الطائف بالبيت اسم من بناه انتهى وهي مناسبة لطيفة ثم قال ولم تزل آثار قدمي إبراهيم حاضرة في المقام معروفة عند أهل
(١٢٨)