(قوله ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله) أطلق على قتال من يخرج عن طاعة الامام جهادا وسوى بينه وبين جهاد الكفار بحسب اعتقاده وأن كان الصواب عند غيره خلافه وأن الذي ورد في الترغيب في الجهاد خاص بقتال الكفار بخلاف قتال البغاة فإنه وإن كان مشروعا لكنه لا يصل الثواب فيه إلى ثواب من قاتل الكفار ولا سيما إن كان الحامل إيثار الدنيا (قوله إما قتلوه وإما يعذبوه) كذا فيه الأول بصيغة الماضي لكونه إذا قتل ذهب والثاني بصيغة المضارع لأنه يبقى أو يتجدد له التعذيب (قوله فكرهتم أن يعفو) بالتحتانية أوله وبالافراد إخبار عن الله وهو الأوجه وبالمثناة من فوق والجمع وهو الكثر (قوله وختنه) بفتح المعجمة والمثناة من فوق ثم نون قال الأصمعي الأختان من قبل المرأة والاحماء من قبل الزوج والصهر جمعهما وقيل اشتق الختن مما اشتق منه الختان وهو التقاء الختانين * (قوله باب قوله وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) وساق إلى آخر الآية (قوله التهلكة والهلاك واحد) هو تفسير أبي عبيدة وزاد والهلاك والهلك يعني بفتح الهاء وبضمها واللام ساكنة فيهما وكل هذه مصادر هلك بلفظ الفعل الماضي وقيل التهلكة ما أمكن التحرز منه والهلاك بخلافه وقيل التهلكة نفس الشئ المهلك وقيل ما تضر عاقبته والمشهور الأول ثم ذكر المصنف حديث حذيفة في هذه الآية قال نزلت في النفقة أي في ترك النفقة في سبيل الله عز وجل وهذا الذي قاله حذيفة جاء مفسرا في حديث أبي أيوب الذي أخرجه مسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم من طريق أسلم بن عمران قال كنا بالقسطنطينية فخرج صف عظيم من الروم فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم ثم رجع مقبلا فصاح الناس سبحان الله ألقى بيده إلى التهلكة فقال أبو أيوب أيها الناس إنكم تأولون هذه الآية على هذا التأويل وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار إنا لما أعز الله دينه وكثر ناصروه قلنا بيننا سرا إن أموالنا قد ضاعت فلو انا أقمنا فيها وأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله هذه الآية فكانت التهلكة الإقامة التي أردناها وصح عن ابن عباس وجماعة من التابعين نحو ذلك في تأويل الآية وروى ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم أنها كانت نزلت في ناس كانوا يغزون بغير نفقه فيلزم على قوله اختلاف المأمورين فالذين قيل لهم أنفقوا وأحسنوا أصحاب الأموال والذين قيل لهم ولا تلقوا الغزاة بغير نفقة ولا يخفى ما فيه ومن طريق الضحاك بن أبي جبيرة كان الأنصار يتصدقون فأصابتهم سنة فامسكوا فنزلت وروى ابن جرير وابن المنذر بإسناد صحيح عن مدرك بن عوف قال إني لعند عمر فقلت إن لي جارا رمى بنفسه في الحرب فقتل فقال ناس ألقى بيده إلى التهلكة فقال عمر كذبوا لكنه اشترى الآخرة بالدنيا وجاء عن البراء بن عازب في الآية تأويل آخر أخرجه ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عنه بإسناد صحيح عن أبي إسحاق قال قلت للبراء أرأيت قول الله عز وجل ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة هو الرجل يحمل على الكتيبة فيها ألف قال لا ولكنه الرجل يذنب فيلقى بيده فيقول لا توبة لي وعن النعمان بن بشير نحوه والأول أظهر لتصدير الآية بذكر النفقة فهو المعتمد في نزولها وأما قصرها عليه ففيه نظر لان العبرة بعموم اللفظ على أن أحمد أخرج الحديث المذكور من طريق أبي بكر وهو ابن عياش عن أبي إسحاق بلفظ آخر قال
(١٣٨)