القصة وخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم حداثتي وهذا شاهد للتأويل المذكور وفيه منقبة عظيمة لعائشة وبيان كمال عقلها وصحة رأيها مع صغر سنها وأن الغيرة تحمل المرأة الكاملة الرأي والعقل على ارتكاب ما لا يليق بحالها لسؤالها النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يخبر أحدا من أزواجه بفعلها ولكنه صلى الله عليه وسلم لما علم أن الحامل لها على ذلك ما طبع عليه النساء من الغيرة ومحبة الاستبداد دون ضرائرها لم يسعفها بما طلبت من ذلك * (تنبيه) * وقع في النهاية والوسيط التصريح بأن عائشة أرادت أن يختار نساؤه الفراق فإن كانا ذكراه فيما فهماه من السياق فذاك وإلا فلم أر في شئ من طرق الحديث التصريح بذلك وذكر بعض العلماء أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم تخيير أزواجه واستند إلى هذه القصة ولا دلالة فيها على الاختصاص نعم أدعى بعض من قال إن التخيير طلاق أنه في حق الأمة واختص هو صلى الله عليه وسلم بأن ذلك في حقه ليس بطلاق وسيأتي مزبد بيان لذلك في كتاب الطلاق أن شاء تعالى واستدل به بعضهم على ضعف ما جاء أن من الأزواج حينئذ من اختارت الدنيا فزوجها وهي فاطمة بنت الضحاك لعموم قوله ثم فعل إلى آخره (قوله تابعه موسى بن أعين عن معمر عن الزهري أخبرني أبو سلمة) يعني عن عائشة وصله النسائي من طريق محمد بن موسى بن أعين حدثنا أبي فذكره (قوله وقال عبد الرزاق وأبو سفيان المعمري عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة) أما رواية عبد الرزاق فوصلها مسلم وابن ماجة من طريقه وأخرجها أحمد وإسحاق في مسنديهما عنه وقصر من قصر تخريجها علي ابن ماجة وأما رواية أبي سفيان المعمري فأخرجها الذهلي في الزهريات وتابع معمرا على عروة جعفر بن برقان ولعل الحديث كان عند الزهري عنهما فحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا وإلى هذا مال الترمذي وقد رواه عقيل وشعيب عن الزهري عن عائشة بغير واسطة كما قدمته والله أعلم * (قوله باب وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) لم تختلف الروايات أنها نزلت في قصة زيد بن حارثة وزينب بنت جحش (قوله حدثنا معلى بن منصور) هو الرازي وليس له عند البخاري سوى هذا الحديث وآخر في البيوع وقد قال في التاريخ الصغير دخلنا عليه سنة عشر فكأنه لم يكثر عنه ولهذا حدث عنه في هذين الموضعين بواسطة (قوله حدثنا ثابت) كذا قال معلى بن منصور عن حماد وتابعه محمد بن أبي بكر المقدمي وعارم وغيرهما وقال الصلت بن مسعود وروح بن عبد المؤمن وغيرهما عن حماد ابن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس فلعل لحماد فيه إسنادين وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق سليمان بن أيوب صاحب البصري عن حماد بن زيد بالاسنادين معا (قوله إن هذه الآية وتخفى في نفسك ما الله مبديه نزلت في شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثة) هكذا اقتصر على هذا القدر من هذه القصة وقد أخرجه في التوحيد من وجه آخر عن حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال جاء زيد بن حارثة يشكو فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول اتق الله وأمسك عليك زوجك قال أنس لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا لكتم هذه الآية قال وكانت تفتخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الحديث وأخرجه أحمد عن مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن زيد بهذا الاسناد بلفظ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم منزل زيد بن حارثة فجاءه زيد يشكوها إليه فقال له أمسك عليك زوجك واتق الله فنزلت إلى قوله زوجناكها قال يعني زينب بنت جحش
(٤٠٢)