أحدهما أنها كانت في قوم نوح والثاني أنها كانت أسماء رجال صالحين إلى آخر القصة (قلت) بل مرجع ذلك إلى قول واحد وقصة الصالحين كانت مبتدأ عبادة قوم نوح هذه الأصنام ثم تبعهم من بعدهم على ذلك (قوله فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم) كذا لهم ولأبي ذر والكشميهني ونسخ العلم أي علم تلك الصور بخصوصها وأخرج الفاكهي من طريق عبيد الله ابن عبيد بن عمير قال أول ما حدثت الأصنام على عهد نوح وكانت الأبناء تبر الآباء فمات رجل منهم فجزع عليه فجعل لا يصبر عنه فاتخذ مثالا على صورته فكلما أشتاق إليه نظره ثم مات ففعل به كما فعل حتى تتابعوا على ذلك فمات الآباء فقال الأبناء ما أتخذ آباؤنا هذه إلا أنها كانت آلهتهم فعبدوها وحكى الواقدي قال كان ود على صورة رجل وسواع على صورة امرأة ويغوث على صورة أسد ويعوق على صورة فرس ونسر على صورة طائر وهذا شاذ والمشهور أنهم كانوا على صورة البشر وهو مقتضى ما تقدم من الآثار في سبب عبادتها والله أعلم * (قوله سورة قل أوحى) * كذا لهم ويقال لها سورة الجن (قوله قال ابن عباس لبدا أعوانا) هو عند الترمذي في آخر حديث ابن عباس المذكور في هذا الباب ووصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هكذا وقراءة الجمهور بكسر اللام وفتح الباء وهشام وحده بضم اللام وفتح الموحدة فالأولى جمع لبدة بكسر ثم سكون نحو قربة وقرب واللبدة واللبد الشئ الملبد أي المتراكب بعضه على بعض وبه سمي اللبد المعروف والمعنى كادت الجن يكونون عليه جماعات متراكبة مزدحمين عليه كاللبدة وأما التي بضم اللام فهي جمع لبدة بضم ثم سكون مثل غرفة وغرف والمعنى أنهم كانوا جمعا كثيرا كقوله تعالى مالا لبدا أي كثيرا وروى عن أبي عمرو أيضا بضمتين فقيل هي جمع لبود مثل صبر وصبور وهو بتاء مبالغة وقرأ ابن محيصن بضم ثم سكون فكأنها مخففة من التي قبلها وقرأ الجحدري بضمة ثم فتحة مشددة جمع لا بد كسجد وساجد وهذه القراءات كلها راجعة إلى معنى واحد وهو أن الجن تزاحموا على النبي صلى الله عليه وسلم لما استمعوا القرآن وهو المعتمد وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبدت الإنس والجن وحرصوا على أن يطفئوا هذا النور الذي أنزله الله تعالى وهو في اللفظ واضح في القراءة المشهورة لكنه في المعنى مخالف (قوله بخسا نقصا) ثبت هذا للنسفي وحده وتقدم في بدء الخلق (قوله عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية (قوله انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم) كذا اختصره البخاري هنا وفي صفة الصلاة وأخرجه أبو نعيم في المستخرج عن الطبراني عن معاذ بن المثنى عن مسدد شيخ البخاري فيه فزاد في أوله ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن ولا رآهم انطلق إلى آخره وهكذا أخرجه مسلم عن شيبان في فروخ عن أبي عوانة بالسند الذي أخرجه به البخاري فكأن البخاري حذف هذه اللفظة عمدا لان ابن مسعود أثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الجن فكان ذلك مقدما على نفي ابن عباس وقد أشار إلى ذلك مسلم فأخرج عقب حديث ابن عباس هذا حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أتاني داعي الجن فانطلقت معه فقرأت عليه القرآن ويمكن الجمع بالتعدد كما سيأتي (قوله في طائفة من أصحابه)
(٥١٣)