ذلك في المقدمة * (قوله باب ويدرأ عنها العذاب الآية) ذكر فيه حديث ابن عباس في قصة المتلاعنين من رواية عكرمة عنه وقد ذكره في اللعان من رواية القاسم بن محمد عنه وبينهما في سياقه اختلاف سأبينه هناك وأقتصر هنا على بيان الراجح من الاختلاف في سبب نزول آيات اللعان دون أحكامه فأذكرها في بابها إن شاء الله تعالى وقوله عن هشام بن حسان حدثنا عكرمة هكذا قال ابن عدي عنه وقال عبد الاعلى ومخلد بن حسين عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أنس فمنهم من أعلى حديث ابن عباس بهذا ومنهم من حمله على أن لهشام فيه شيخين وهذا هو المعتمد فإن البخاري أخرج طريق عكرمة ومسلما أخرج طريق ابن سيرين ويرجع هذا الحمل اختلاف السياقين كما سنبينه إن شاء الله تعالى (قوله البينة أو حد في ظهرك) قال ابن مالك ضبطوا البينة بالنصب على تقدير عامل أي أحضر البينة وقال غيره روى بالرفع والتقدير أما البينة وأما حد وقوله في الرواية المشهورة أوحد في ظهرك قال ابن مالك حذف منه فاء الجواب وفعل الشرط بعد إلا والتقدير وإلا تحضرها فجزاؤك حد في ظهرك قال وحذف مثل هذا لم يذكر النحاة أنه يجوز إلا في الشعر لكن يرد عليهم وروده في هذا الحديث الصحيح (قوله فقال هلال والذي بعثك بالحق أني لصادق ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فنزل جبريل وأنزل عليه والذين يرمون أزواجهم) كذا في هذه الرواية أن آيات اللعان نزلت في قصة هلال بن أمية وفي حديث سعد الماضي أنها نزلت في هو يمر ولفظه فجاء عويمر فقال يا رسول الله رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فأمرهما بالملاعنة وقد اختلف الأئمة في هذا الموضع فمنهم من رجح أنها نزلت في شأن عويمر ومنهم من رجح أنها نزلت في شأن هلال ومنهم من جمع بينهما بأن أول من وقع له ذلك هلال وصادف مجئ عويمر أيضا فنزلت في شأنهما معا في وقت واحد وقد جنح النووي إلى هذا وسبقه الخطيب فقال لعلهما اتفق كونهما جاءا في وقت واحد ويؤيد التعدد أن القائل في قصة هلال سعد بن عبادة كما أخرجه أبو داود والطبري من طريق عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مثل رواية هشام بن حسان بزيادة في أوله لما نزلت والذين يرمون أزواجهم الآية قال سعد بن عبادة لو رأيت لكاعا قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه حتى آتي بأربعة شهداء ما كنت لآتى بهم حتى يفرغ من حاجته قال فما لبثوا إلا يسيرا حتى جاء هلال بن أمية الحديث وعند الطبري من طريق أيوب عن عكرمة مرسلا فيه نحوه وزاد فلم يلبثوا أن جاء ابن عم له فرمى امرأته الحديث والقائل في قصة عويمر عاصم بن عدي كما في حديث سهل بن سعد في الباب الذي قبله وأخرج الطبري من طريق الشعبي مرسلا قال لما نزلت والذين يرمون أزواجهم الآية قال عاصم بن عدي إن أنا رأيت فتكلمت جلدت وإن سكت سكت على غيظ الحديث ولا مانع أن تتعدد القصص ويتحد النزول وروى البزار من طريق زيد بن تبيع عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر لو رأيت مع أم رومان رجلا ما كنت فاعلا به قال كنت فاعلا به شرا قال فأنت يا عمر قال كنت أقول لعن الله الابعد قال فنزلت ويحتمل أن النزول سبق بسبب هلال فلما جاء عويمر ولم يكن علم بما وقع لهلال أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم ولهذا قال في قصة هلال فنزل جبريل وفي قصة عويمر قد أنزل الله فيك فيؤول قوله قد أنزل الله
(٣٤١)