والوالدان فاعل ترك ويلزم عليه الفصل بين الموصوف وصفته وقد سمع كثيرا وفي القرآن قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات فإن فاطر صفة لله اتفاقا وقيل التقدير ولكل قوم جعلناهم مولى أي ورثة نصيب مما ترك والداهم وأقربوهم وهذا يقتضى أن لكل خبر مقدم ونصيب مبتدأ مؤخر وجعلناهم صفة لقوم ومما ترك صفة للمبتدأ الذي حذف ونصب صفته وكذا حذف ما أضيفت إليه كل وبقيت صفته وكذا حذف العائد على الموصوف هذا حاصل ما ذكره المعربون وذكروا غير ذلك مما ظاهره التكلف وأوضح من ذلك أن الذي يضاف إليه كل هو ما تقدم في الآية التي قبلها وهو قوله للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ثم قال ولكل أي من الرجال والنساء جعلنا أي قدرنا نصيبا أي ميراثا مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم أي بالحلف أو الموالاة والمؤاخاة فآتوهم نصيبهم خطاب لمن يتولى ذلك أي من ولي على ميراث أحد فليعط لكل من يرثه نصيبه وعلى هذا المعنى المتضح ينبغي أن يقع الاعراب ويترك ما عداه من التعسف (قوله والذين عاقدت أيمانكم كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رحمه للاخوة) هكذا حملها ابن عباس على من آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم وحملها غيره على أعم من ذلك فأسند الطبري عنه قال كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر فنسخ ذلك ومن طريق سعيد بن جبير قال كان الرجل يعاقد الرجل فيرثه وعاقدا أبو بكر مولى فورثه (قوله فلما نزلت ولكل جعلنا موالي نسخت) هكذا وقع في هذه الرواية أن ناسخ ميراث الحليف هذه الآية وروى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال كان الرجل يعاقد الرجل فإذا مات ورثه الآخر فأنزل الله عز وجل وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا يقول إلا أن توصوا لأوليائكم الذين عاقدتم ومن طريق قتادة كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول دمى دمك وترثني وأرثك فلما جاء الاسلام أمروا أن يؤتوهم نصيبهم من الميراث وهو السدس ثم نسخ ذلك بالميراث فقال وأولو الأرحام بعضهم أولى لبعض ومن طرق شتى عن جماعة من العلماء كذلك وهذا هو المعتمد ويحتمل أن يكون النسخ وقع مرتين الأولى حيث كان المعاقد يرث وحده دون العصبة فنزلت ولكل وهي آية الباب فصاروا جميعا يرثون وعلى هذا يتنزل حديث ابن عباس ثم نسخ ذلك آية الأحزاب وخص الميراث بالعصبة وبقي للمعاقد النصر والارفاد ونحوهما وعلى هذا يتنزل بقية الآثار وقد تعرض له ابن عباس في حديثه أيضا لكن لم يذكر الناسخ الثاني ولا بد منه والله أعلم (قوله ثم قال والذين عاقدت أيمانكم من النصر والرفادة والنصيحة وقد ذهب الميراث ويوصى له) كذا وقع فيه وسقط منه شئ بينه الطبري في روايته عن أبي كريب عن أبي أسامة بهذا الاسناد ولفظه ثم قال والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم من النصر الخ فقوله من النصر يتعلق بآتوهم لا بعاقدت ولا بأيمانكم وهو وجه الكلام والرقادة بكسر الراء بعدها فاء خفيفة الإعانة بالعطية (قوله سمع أبو أسامة إدريس وسمع إدريس طلحة) وقع هذا في رواية المستملى وحده وقد قدمت التنبيه على من وقع عنده التصريح بالتحديث لأبي أسامة من إدريس ولإدريس من طلحة في هذا الحديث بعينه وإلى ذلك أشار المصنف والله أعلم * (قوله باب قوله إن الله لا يظلم
(١٨٧)