يتشوف هل ير الرجل ثم رآه (قوله قال لي عثمان بن أبي سليمان على طنفسة خضراء) القائل هو ابن جريج وعثمان هو ابن أبي سليمان بن جبير بن مطعم وهو ممن أخذ هذا الحديث عن سعيد ابن جبير وروى عبد بن حميد من طريق ابن المبارك عن ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان قال رأى موسى الخضر على طنفسة خضراء على وجه الماء انتهى والطنفسة فرش صغير وهي بكسر الطاء والفاء بينهما نون ساكنة وبضم الطاء والفاء وبكسر الطاء وبفتح الفاء لغات (قوله قال سعيد بن جبير مسجى بثوبه) هو موصول بالاسناد المذكور وفي رواية سفيان فإذا رجل مسجى بثوب وفي رواية مسلم مسجى ثوبا مستلقيا على القفا ولعبد بن حميد من طريق أبي العالية فوجده نائما في جزيرة من جزائر البحر ملتفا بكساء ولا بابي حاتم من وجه آخر عن السدي فرأى الخضر وعليه جبة من صوف وكساء من صوف ومعه عصا قد ألقى عليها طعامه قال وإنما سمي الخضر لأنه كان إذا أقام في مكان نبت العشب حوله انتهى وقد تقدم في أحاديث الأنبياء حديث أبي هريرة رفعه إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء والمراد بالفروة وجه الأرض (قوله فسلم عليه موسى فكشف عن وجهه) في رواية أبي إسحاق عند مسلم فقال السلام عليكم فكشف الثوب عن وجهه وقال وعليكم السلام (قوله وقال هل بأرضي من سلام) في رواية الكشمهيني بأرض بالتنوين وفي رواية سفيان قال وأنى بأرضك السلام وهي بمعنى أين أو كيف وهو استفهام استبعاد يدل على أن أهل تلك الأرض لم يكونوا إذ ذاك مسلمين ويجمع بين الروايتين بأنه استفهمه بعد أن رد عليه السلام (قوله من أنت قال أنا موسى قال موسى بني إسرائيل قال نعم) وسقط من رواية سفيان قوله من أنت وفي رواية أبي إسحاق قال من أنت قال موسى قال من موسى قال موسى بني إسرائيل ويجمع بينهما بان الخضر أعاد ذلك تأكيدا وأما ما أخرجه عبد بن حميد من طريق الربيع بن أنس في هذه القصة فقال موسى السلام عليك يا خضر فقال وعليك السلام يا موسى قال وما يدريك أني موسى قال أدراني بك الذي أدراك بي وهذا إن ثبت فهو من الحجج على أن الخضر نبي لكن يبعد ثبوته قوله في الرواية التي في الصحيح من أنت قال أنا موسى قال موسى بني إسرائيل الحديث (قوله قال فما شأنك) في رواية أبي إسحاق قال ما جاء بك (قوله جئت لتعلمني مما علمت رشدا) قرأ أبو عمرو بفتحتين والباقون كلهم بضم أوله وسكون ثانيه والجمهور على أنهما بمعنى كالبخل والبخل وقيل بفتحتين الدين وبضم ثم سكون صلاح النظر وهو منصوب على أنه مفعول ثان لتعلمني وأبعد من قال إنه لقوله علمت (قوله أما يكفيك أن التوراة بيديك وأن الوحي يأتيك) سقطت هذه الزيادة من رواية سفيان فالذي يظهر أنها من رواية يعلى بن مسلم (قوله يا موسى إن لي علما لا ينبغي لك أن تعلمه) أي جميعه (وإن لك علما لا ينبغي لي أن أعلمه) أي جميعه وتقدير ذلك متعين لان الخضر كان يعرف من الحكم الظاهر ما لا غنى بالمكلف عنه وموسى كان يعرف من الحكم الباطن ما يأتيه بطريق الوحي ووقع في رواية سفيان يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لاتعلمه أنت وهو بمعنى الذي قبله وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في كتاب العلم (قوله في رواية سفيان قال إنك لن تستطيع معي صبرا) كذا أطلق بالصيغة الدالة على استمرار النفي لما أطلعه الله عليه من أن موسى لا يصبر على ترك الانكار إذا رأى ما يخالف الشرع لان ذلك شأن عصمته
(٣١٦)