أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما (قوله في مكان ثريان) بمثلثة مفتوحة وراء ساكنة ثم تحتانية أي مبلول (قوله إذ تضرب الحوت) بضاد معجمة وتشديد وهو تفعل من الضرب في الأرض وهو السير وفي رواية سفيان واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر وفي رواية أبي إسحاق حاق عند مسلم فاضطرب الحوت في الماء ولا مغايرة بينهما لأنه اضطرب أولا في المكتل فلما سقط في الماء اضطرب أيضا فاضطرابه الأول فيما في مبدأ ماحي والثاني في سيره في البحر حيث أتخذ فيه مسلكا وفي رواية قتيبة عن سفيان في الباب الذي يليه من الزيادة قال سفيان وفي غير حديث عمرو وفي أصل الصخرة عين يقال لها الحياة لا يصيب من مائها شئ إلا حي فأصاب الحوت من ماء تلك العين فتحرك وانسل من المكتل فدخل البحر وحكى ابن الجوزي أن في روايته في البخاري الحيا بغير هاء قال وهو ما يحيى به الناس وهذه الزيادة التي ذكر سفيان أنها في حديث غير عمرو قد أخرجها ابن مردويه من رواية إبراهيم بن يسار عن سفيان مدرجة في حديث عمرو ولفظه حتى انتهيا إلى الصخرة فقال موسى عندها أي نام قال وكان عند الصخرة عين ماء يقال لها عين الحياة لا يصيب من ذلك الماء ميت إلا عاش فقطرت من ذلك الماء على الحوت قطرة فعاش وخرج من المكتل فسقط في البحر وأظن أن بن عيينة أخذ ذلك عن قتادة فقد أخرج ابن أبي حاتم من طريقه قال فأني على عين في البحر يقال لها عين الحياة فلما أصاب تلك العين رد الله روح الحوت إليه وقد أنكر الداودي فيما حكاه بن التين هذه الزيادة فقال لا أرى هذا يثبت فإن كان محفوظا فهو من خلق الله وقدرته قال لكن في دخول الحوت العين دلالة على أنه كان حي قبل دخوله فلو كان كما في هذا الخبر لم يحتج إلى العين قال والله قادر على أن يحييه بغير العين انتهى قال ولا يخفى ضعف كلامه دعوى واستدلالا وكأنه ظن أن الماء الذي دخل فيه الحوت هو ماء العين وليس كذلك بل الاخبار صريحة في أن العين عند الصخرة وهي غير البحر وكأن الذي أصاب الحوت من الماء كان شيئا من رشاش ولعل هذا العين إن ثبت النقل فيها مستند من زعم أن الخضر شرب من عين الحياة فخلد وذلك مذكور عن وهب بن منبه وغيره ممن كان ينقل من الإسرائيليات وقد صنف أبو جعفر بن المنادي في ذلك كتابا وقرر أنه لا يوثق بالنقل فيما يوجد من الإسرائيليات (قوله وموسى نائم فقال فتاه لا أوقظه حتى إذا استيقظ فنسي أن يخبره) في الكلام حذف تقديره حتى إذا استيقظ سار فنسي وأما قوله تعالى نسيا حوتهما فقيل نسب النسيان إليهما تغليبا والناس هو الفتى نسي أن يخبر موسى كما في هذا الحديث وقيل بل المراد أن الفتى نسي أن يخبر موسى بقصة الحوت ونسي موسى أن يستخبره عن شأن الحوت بعد أن استيقظ لأنه حينئذ لم يكن معه وكان بصدد أن يسأله أين هو فنسي ذلك وقيل بل المراد بقوله نسيا أخرا مأخوذ من النسي بكسر النون وهو التأخير والمعنى أنهما اخرا افتقاد لعدم الاحتياج إليه فلما احتاجا إليه ذكراه وهو بعيد بل صريح الآية يدل على صحة صريح الخبر وأن الفتى اطلع على ما جرى للحوت ونسي أن يخبر موسى بذلك ووقع عند مسلم في رواية أبي إسحاق أن موسى تقدم فتاه لما استيقظ فسار فقال فتاه ألا ألحق نبي الله فأخبره قال فنسي أن يخبره وذكر ابن عطية أنه رأى سمكة أحد جانبيها شوك وعظم وجلد رقيق على أحشائها ونصفها الثاني صحيح ويذكر أهل ذلك المكان أنها من نسل حوت موسى إشارة إلى أنه لما حيي بعد أن أكل منه
(٣١٤)