الحجاز فبدأ بمكة ثم؟؟؟ بالمدينة وأيضا فلا يلزم أن تتعلق جميع أحاديث الباب ببدء الوحي بل يكفي أن يتعلق بذلك وبما يتعلق به وبما يتعلق بالآية أيضا وذلك أن أحاديث الباب تتعلق بلفظ الترجمة وبما اشتملت عليه ولما كان في الآية ان الوحي إليه وكما الوحي إلى الأنبياء قبله ناسب تقديم ما يتعلق بها وهو صفة الوحي وصفة حامله إشارة إلى أن الوحي إلى الأنبياء لا تباين فيه فحسن ايراد هذا الحديث عقب حديث الأعمال الذي تقدم التقدير بأن تعلقه بالآية الكريمة أقوى تعلق والله أعلم (قوله أحيانا) جمع حين يطلق على كثير الوقت وقليله والمراد به هنا مجرد الوقت فكأنه قال أوقاتا يأتيني وانتصب على الظرفية وعامل يأتيني مؤخر عنه وللمصنف من وجه آخر عن هشام في بدء الخلق قال كل ذلك يأتي الملك أي كل ذلك حالتان فذكرهما وروى ابن سعد من طريق أبى سلمة الماجشون أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول كان الوحي يأتيني على نحوين يأتيني به جبريل فيلقيه على كما يلقى الرجل على الرجل فذاك ينفلت منى ويأتيني في بيتي مثل صوت الجرس حتى يخالط قلبي فذاك الذي لا ينفلت منى وهذا مرسل مع ثقة رجاله فان صح فهو محمول على ما كان قبل نزول قوله تعالى لا تحرك به لسانك كما سيأتي فان الملك قد تمثل رجلا في صور كثيرة ولم ينفلت منه ما أتاه به كما في قصة مجيئه في صورة دحية وفى صورة أعرابي وغير ذلك وكلها في الصحيح وأورد على ما اقتضاه هذا الحديث وهو أن الوحي منحصر في الحالتين حالات أخرى اما من صفة الوحي كمجيئه كدوي النحل والنفث في الروع والالهام والرؤيا الصالحة والتكليم ليلة الاسراء بلا واسطة واما من صفة حامل الوحي كمجيئه في صورته التي خلق عليها له ستمائة جناح ورؤيته على كرسي بين السماء والأرض وقد سد الأفق والجواب منع الحصر في الحالتين المقدم ذكرهما وحملهما على الغالب أو حمل ما يغايرهما على أنه وقع بعد السؤال أو لم يتعرض لصفتي الملك المذكورتين لندورهما فقد ثبت عن عائشة أنه لم يره كذلك الا مرتين أو لم يأته في تلك الحالة بوحي أو أتاه به فكان على مثل صلصلة الجرس فإنه بين بها صفة الوحي لا صفة حامله وأما فنون الوحي فدوى النحل لا يعارض صلصلة الجرس لان سماع الدوى بالنسبة إلى الحاضرين كما في حديث عمر يسمع عنده كدوى النحل والصلصلة بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشبهه عمر بدوي النحل بالنسبة إلى السامعين وشبهه هو صلى الله عليه وسلم بصلصلة الجرس بالنسبة إلى مقامه وأما النفث في الروع فيحتمل أن يرجع إلى إحدى الحالتين فإذا أتاه الملك في مثل صلصلة الجرس نفث حينئذ في روعه وأما الالهام فلم يقع السؤال عنه لان السؤال وقع عن صفة الوحي الذي يأتي بحامل وكذا التكليم ليلة الاسراء وأما الرؤيا الصالحة فقال ابن بطال لا ترد لان السؤال وقع عما ينفرد به عن الناس لان الرؤيا قد يشركه فيها غيره اه والرؤيا الصادقة وإن كانت جزأ من النبوة فهي باعتبار صدقها لا غير والا لساغ لصاحبها أن يسمى نبيا وليس كذلك ويحتمل أن يكون السؤال وقع عما في اليقظة أو لكون حال النيام لا يخفى على السائل فاقتصر على ما يخفى عليه أو كان ظهور ذلك له صلى الله عليه وسلم في المنام أيضا على الوجهين المذكورين لاغير قاله الكرماني وفيه نظر وقد ذكر الحليمي ان الوحي كان يأتيه على ستة وأربعين نوعا فذكرها وغالبها من صفات حامل الوحي ومجموعها يدخل فيما ذكر وحديث ان روح القدس نفث في روعي أخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة وصححه الحاكم من طريق ابن
(١٨)