قصد بهذه الترجمة ان النفساء وإن كانت لا تصلى لها حكم غيرها من النساء أي في طهارة العين لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليها قال وفيه رد على من زعم أن ابن آدم ينجس بالموت لان النفساء جمعت الموت وحمل النجاسة بالدم اللازم لها فلما لم يضرها ذلك كان الميت الذي لا يسيل منه نجاسة أولى وتعقبه ابن المنير بان هذا أجنبي عن مقصود البخاري قال وانما قصد انها وان ورد انها من الشهداء فهي ممن يصلى عليها كغير الشهداء وتعقبه ابن رشيد بأنه أيضا أجنبي عن أبواب الحيض قال وانما أراد البخاري ان يستدل بلازم من لوازم الصلاة لان الصلاة اقتضت ان المستقبل فيها ينبغي ان يكون محكوما بطهارته فلما صلى عليها أي إليها لزم من ذلك القول بطهارة عينها وحكم النفساء والحائض واحد قال ويدل على أن هذا مقصوده ادخال حديث ميمونة في الباب كما في رواية الأصيلي وغيره ووقع في رواية أبي ذر قبل حديث ميمونة باب غير مترجم وكذا في نسخة الأصيلي وعادته في مثل ذلك أنه بمعنى الفصل من الباب الذي قبله ومناسبته له ان عين الحائض والنفساء طاهرة لان ثوبه صلى الله عليه وسلم كان يصيبها إذا سجد وهى حائض ولا يضره ذلك (قوله حدثنا الحسن بن مدرك) هو الطحان البصري أحد الحفاظ وهو من صغار شيوخ البخاري بل البخاري أقدم منه وقد شاركه في شيخه يحيى بن حماد المذكور هنا وكان هذا الحديث فاته فاعتمد فيه على الحسن المذكور لأنه كان عارفا بحديث يحيى بن حماد (قوله من كتابه) إشارة إلى أن أبا عوانة حدث به من كتابه لا من حفظه وكان إذا حدث من كتابه أتقن مما إذا حدث من حفظه حتى قال عبد الرحمن بن مهدي كتاب أبى عوانة أثبت من حفظ هشيم (قوله كانت تكون) أي تحصل أو تستقر ويحتمل ان قوله تكون لا تصلى خبر لكانت وقوله حائضا حال نحو وجاؤا أباهم عشاء يبكون قاله الكرماني (قوله بحذاء) بكسر الحاء المهملة بعدها ذال معجمة ومدة أي بجنب مسجد والمراد بالمسجد مكان سجوده والخمرة بضم الخاء المعجمة وسكون الميم قال الطبري هو مصلى صغير يعمل من سعف النخل سميت بذلك لسترها الوجه والكفين من حر الأرض وبردها فإن كانت كبيرة سميت حصيرا وكذا قال الزهري في تهذيبه وصاحبه وأبو عبيد الهروي وجماعة بعدهم وزاد في النهاية ولا تكون خمره الا في هذا المقدار قال وسميت خمرة لان خيوطها مستورة بسعفها وقال الخطابي هي السجادة يسجد عليها المصلى ثم ذكر حديث ابن عباس في الفارة التي جرت الفتيلة حتى ألقتها على الخمرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا عليها الحديث قال ففي هذا تصريح باطلاق الخمرة على ما زاد على قدر الوجه قال وسميت خمرة لأنها تغطي الوجه وستأتي الإشارة إلى حكم الصلاة عليها في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى * (خاتمة) * اشتمل كتاب الحيض من الأحاديث المرفوعة على سبعة وأربعين حديثا المكرر منها فيه وفيما مضى اثنان وعشرون حديثا الموصول منها عشرة أحاديث والبقية تعليق ومتابعة والخالص خمسة وعشرون حديثا منها واحد معلق وهو حديث كان يذكر الله على كل أحيانه والبقية موصولة وقد وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث عائشة كانت إحدانا تحيض ثم تقترص الدم وحديثها في اعتكاف المستحاضة وحديثها ما كان لإحدانا الا ثوب واحد وحديث أم عطية كنا لا نعد الصفرة وحديث ابن عمر رخص للحائض أن تنفر وفيه من الآثار الموقوفة على الصحابة والتابعين خمسة عشر أثرا كلها معلقة والله أعلم
(٣٦٤)