أدخل يده في اناء واسع فاغترف منه باناء صغير من غير أن تلامس يده الماء (قوله في وضوئه) بفتح الواو أي الاناء الذي أعد للوضوء وفى رواية الكشمهيني في الاناء وهى رواية مسلم من طرق أخرى ولابن خزيمة في انائه أو وضوئه على الشك والظاهر اختصاص ذلك باناء الوضوء ويلحق به اناء الغسل لأنه وضوء وزيادة وكذا باقي الآنية قياسا لكن في الاستحباب من غير كراهة لعدم ورود النهى فيها عن ذلك والله أعلم وخرج بذكر الاناء البرك والحياض التي لا تفسد بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها فلا يتناولها النهى والله أعلم (قوله فان أحدكم) قال البيضاوي فيه ايماء إلى أن الباعث على الامر بذلك احتمال النجاسة لان الشارع إذا ذكر حكما وعقبه بعلة دل على أن ثبوت الحكم لأجلها ومثله قوله في حديث المحرم الذي سقط فمات فإنه يبعث ملبيا بعد نهيهم عن تطييبه فنبه على علة النهى وهى كونه محرما (قوله لا يدرى) فيه أن علة النهى احتمال هل لاقت يده ما يؤثر في الماء أولا ومقتضاه الحاق من شك في ذلك ولو كان مستيقظا ومفهومه أن من درى أين باتت يده كمن لف عليها خرقة مثلا فاستيقظ وهى على حالها أن لا كراهة وإن كان غسلها مستحبا على المختار كما في المستيقظ ومن قال بان الامر في ذلك للتعبد كما لك لا يفرق بين شاك ومتيقن واستدل بهذا الحديث على التفرقة بين ورود الماء على النجاسة وبين ورود النجاسة على الماء وهو ظاهر وعلى أن النجاسة تؤثر في الماء وهو صحيح لكن كونها تؤثر التنجيس وان لم يتغير فيه نظر لان مطلق التأثير لا يدل على خصوص التأثير بالتنجيس فيحتمل أن تكون الكراهة بالمتيقن أشد من الكراهة بالمظنون قاله ابن دقيق العيد ومراده أنه ليست فيه دلالة قطعية على من يقول إن الماء لا ينجس الا بالتغير (قوله أين باتت يده) أي من جسده قال الشافعي رحمه الله كانوا يستجمرون وبلادهم حارة فربما عرق أحدهم إذا نام فيحتمل ان تطوف يده على المحل أو على بثرة أو دم حيوان أو قذر غير ذلك وتعقبه أبو الوليد الباجي بأن ذلك يستلزم الامر بغسل ثوب النائم لجواز ذلك عليه وأجيب بأنه محمول على ما إذا كان العرق في اليد دون المحل أو أن المستيقظ لا يريد غمس ثوبه في الماء حتى يؤمر بغسله بخلاف اليد فإنه يحتاج إلى غمسها وهذا أقوى الجوابين والدليل على أنه لا اختصاص لذلك بمحل الاستجمار ما رواه ابن خزيمة وغيره من طريق محمد بن الوليد عن محمد بن جعفر عن شعبة عن خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة في هذا الحديث قال في آخره أين باتت يده منه وأصله في مسلم دون قوله منه قال الدارقطني تفرد بها شعبة وقال البيهقي تفرد بها محمد بن الوليد (قلت) ان أراد عن محمد بن جعفر فمسلم وان أراد مطلقا فلا فقد قال الدارقطني تابعه عبد الصمد عن شعبة وأخرجه ابن منده من طريقه وفى الحديث الاخذ بالوثيقة والعمل بالاحتياط في العبادة والكناية عما يستحيا منه إذا حصل الافهام بها واستحباب غسل النجاسة ثلاثا لأنه أمرنا بالتثليث عند توهمها فعند تيقنها أولى واستنبط منه قوم فوائد أخرى فيها بعد منها أن موضع الاستنجاء مخصوص بالرخصة في جواز الصلاة مع بقاء أثر النجاسة عليه قاله الخطابي ومنها ايجاب الوضوء من النوم قاله ابن عبد البر ومنها تقوية من يقول بالوضوء من مس الذكر حكاه أبو عوانة في صحيحه عن ابن عيينة ومنها أن القليل من الماء لا يصير مستعملا بادخال اليد فيه لمن أراد الوضوء قاله الخطابي صاحب الخصال من الشافعية (قوله باب غسل الرجلين) كذا للأكثر وزاد أبو ذر
(٢٣١)