رضي الله عنها مع الملك الذي أعطاها هاجر ان سارة لما هم الملك بالدنو منها قامت تتوضأ وتصلى وفى قصة جريج الراهب أيضا انه قام فتوضأ وصلى ثم كلم الغلام فالظاهر أن الذي اختصت به هذه الأمة هو الغرة والتحجيل لا أصل الوضوء وقد صرح بذلك في رواية لمسلم عن أبي هريرة أيضا مرفوعا قال سيما ليست لاحد غيركم وله من حديث حذيفة نحوه وسيما بكسر المهملة واسكان الياء الأخيرة أي علامة وقد اعترض بعضهم على الحليمي بحديث هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي وهو حديث ضعيف كما تقدم لا يصح الاحتجاج به لضعفه ولاحتمال ان يكون الوضوء من خصائص الأنبياء دون أممهم الا هذه الأمة (قوله من آثار الوضوء) بضم الواو ويجوز فتحها على أنه الماء قاله ابن دقيق العيد (قوله فمن استطاع منكم ان يطيل غرته فليفعل) أي فليطل الغرة والتحجيل واقتصر على إحداهما لدلالتها على الأخرى نحو سرابيل تقيكم الحر واقتصر على ذكر الغرة وهى مؤنثة دون التحجيل وهو مذكر لان محل الغرة أشرف أعضاء الوضوء وأول ما يقع عليه النظر من الانسان على أن في رواية مسلم من طريق عمارة بن غزية ذكر الامرين ولفظه فليطل غرته وتحجيله وقال ابن بطال كنى أبو هريرة بالغرة عن التحجيل لان الوجه لا سبيل إلى الزيادة في غسله وفيما قال نظر لأنه يستلزم قلب اللغة وما نفاه ممنوع لان الإطالة ممكنة في الوجه بان يغسل إلى صفحة العنق مثلا ونقل الرافعي عن بعضهم ان الغرة تطلق على كل من الغرة والتحجيل ثم إن ظاهره انه بقية الحديث لكن رواه أحمد من طريق فليح عن نعيم وفى آخره قال نعيم لا أدرى قوله من استطاع الخ من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي هريرة ولم أر هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نعيم هذه والله أعلم واختلف العلماء في القدر المستحب من التطويل في التحجيل فقيل إلى المنكب والركبة وقد ثبت عن أبي هريرة رواية ورأيا وعن ابن عمر من فعله أخرجه ابن أبي شيبة وأبو عبيد باسناد حسن وقيل المستحب الزيادة إلى نصف العضد والساق وقيل إلى فوق ذلك وقال ابن بطال وطائفة من المالكية لا تستحب الزيادة على الكعب والمرفق لقوله صلى الله عليه وسلم من زاد على هذا فقد أساء وظلم وكلامهم معترض من وجوه ورواية مسلم صريحة في الاستحباب فلا تعارض بالاحتمال وأما دعواهم اتفاق العلماء على خلاف مذهب أبي هريرة في ذلك فهي مردودة بما نقلناه عن ابن عمر وقد صرح باستحبابه جماعة من السلف وأكثر الشافعية والحنفية وأما تأويلهم الإطالة المطلوبة بالمداومة على الوضوء فمعترض بان الراوي أدرى بمعنى ما روى كيف وقد صرح برفعه إلى الشارع صلى الله عليه وسلم وفى الحديث معنى ما ترجم له من فضل الوضوء لان الفضل الحاصل بالغرة والتحجيل من آثار الزيادة على الواجب فكيف الظن بالواجب وقد وردت فيه أحاديث صحيحة صريحة أخرجها مسلم وغيره وفيه جواز الوضوء على ظهر المسجد لكن إذا لم يحصل منه أذى للمسجد أو لمن فيه والله أعلم (قوله باب) بالتنوين لا يتوضأ بفتح أوله على البناء للفاعل (قوله من الشك) أي بسبب الشك (قوله حدثنا على) هو ابن عبد الله المديني وسفيان هو ابن عيينة (قوله وعن عباد) هو معطوف على قوله عن سعيد بن المسيب وسقطت الواو من رواية كريمة غلطا لان سعيدا لا رواية له عن عباد أصلا ثم إن شيخ سعيد فيه يحتمل ان يكون عم عباد كأنه قال كلاهما عن عمه أي عم الثاني وهو عباد ويحتمل ان يكون محذوفا ويكون من مراسيل
(٢٠٨)