وفى حديث أنس كانت الصلاة تقام فيعرض الرجل فيحدث النبي صلى الله عليه وسلم حتى ربما نعس بعض القوم ثم يدخل في الصلاة وفى بعض طرقه وقوع ذلك بين الخطبة والصلاة (قوله فليح) بصيغة التصغير هو ابن سليمان أبو يحيى المدني من طبقة مالك وهو صدوق تكلم بعض الأئمة في حفظه ولم يخرج البخار من حديثه في الاحكام الا ما توبع عليه وأخرج له في المواعظ والآداب وما شاكلها طائفة من افراده وهذا منها وانما أورده عاليا عن فليح بواسطة محمد بن سنان فقط ثم أورده نازلا بواسطة محمد بن فليح وإبراهيم بن المنذر عن محمد لأنه أورده في كتاب الرقاق عن محمد بن سنان فقط فأراد أن يعيد هنا طريقا أخرى ولأجل نزولها قرنها بالرواية الأخرى وهلال بن علي يقال له هلال بن أبي ميمون وهلال بن أبي هلال فقد يظن ثلاثة وهو واحد وهو من صغار التابعين شيخه في هذا الحديث من أوساطهم (قوله يحدث) هو خبر المبتدا وحذف مفعوله الثاني لدلالة السياق عليه والقوم الرجال وقد يدخل فيه النساء تبعا (قوله جاءه أعرابي) لم أقف على تسميته (قوله فمضى) أي استمر يحدثه كذا في رواية المستملى والحموي بزيادة هاء وليست في رواية الباقين وان ثبتت فالمعنى يحدث القوم الحديث الذي كان فيه وليس الضمير عائدا على الاعرابى (قوله فقال بعض القوم سمع ما قال) انما حصل لهم التردد في ذلك لما ظهر من عدم التفات النبي صلى الله عليه وسلم إلى سؤاله واصغائه نحوه ولكونه كان يكره السؤال عن هذه المسئلة بخصوصها وقد تبين عدم انحصار ترك الجواب في الامرين المذكورين بل احتمل كما تقدم أن يكون أخره ليكمل الحديث الذي هو فيه أو أخرجوا به ليوحى إليه به (قوله قال أين أراه السائل) بالرفع على الحكاية وأراه بالضم أي أظنه والشك من محمد بن فليح رواه الحسن بن سفيان وغيره عن عثمان بن أبي شيبة عن يونس بن محمد عن فليح ولفظه أين السائل ولم يشك (قوله إذا وسد) أي أسند وأصله من الوسادة وكان من شأن الأمير عندهم إذا جلس ان تثنى تحته وسادة فقوله وسد أي جعل له غير أهله وسادا فتكون إلى بمعنى اللام وأتى بها ليدل على تضمين معنى أسند ولفظ محمد بن سنان في الرقاق إذا أسند وكذا رواه يونس بن محمد وغيره عن فليح ومناسبة هذا المتن لكتاب العلم ان اسناد الامر إلى غير أهله انما يكون عند غلبة الجهل ورفع العلم وذلك من جملة الاشراط ومقتضاه ان العلم ما دام قائما ففي الامر فسحة وكان المصنف أشار إلى أن العلم انما يؤخذ عن الأكابر تلميحا لما روى عن أبي أمية الجمحي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اشراط الساعة ان يلتمس العلم عند الأصاغر وسيأتى بقية الكلام على هذا الحديث في الرقاق إن شاء الله تعالى (قوله باب من رفع صوته بالعلم حدثنا أبو النعمان) زاد الكشميهني في رواية كريمة عنه عارم بن الفضل وعارم لقب واسمه محمد كما تقدم في المقدمة (قوله ماهك) بفتح الهاء وحكى كسرها وهو غير منصرف عند الأكثرين للعلمية والعجمة ورواه الأصيلي مصروفا فكأنه لحظ فيه الوصف واستدل المصنف على جواز رفع الصوت بالعلم بقوله فنادى بأعلى صوته وانما يتم الاستدلال بذلك حيث تدعو الحاجة إليه لبعد أو كثرة جمع أو غير ذلك ويلحق بذلك ما إذا كان في موعظة كما ثبت ذلك في حديث جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب وذكر الساعة اشتد غضبه وعلا صوته الحديث أخرجه مسلم ولأحمد من حديث النعمان في معناه وزاد حتى
(١٣٢)