بالضم والرفع أي بلغ منى الجهد مبلغه وقوله أرسلني أي أطلقني ولم يذكر الغط هنا في المرة الثالثة وهو ثابت عند المؤلف في التفسير (قوله فرجع بها) أي بالآيات أو بالقصة (قوله فزملوه) أي لفوه والروع بالفتح الفزع (قوله لقد خشيت على نفسي) دل هذا مع قوله يرجف فؤاده على انفعال حصل له من مجئ الملك ومن ثم قال زملوني والخشية المذكورة اختلف العلماء في المراد بها على اثنى عشر قولا أولها الجنون وأن يكون ما رآه من جنس الكهانة جاء مصرحا به في عدة طرق وأبطله أبو بكر بن العربي وحق له ان يبطل لكن حمله الإسماعيلي على أن ذلك حصل له قبل حصول العلم الضروري له ان الذي جاءه ملك وانه من عند الله تعالى ثانيها الهاجس وهو باطل أيضا لأنه لا يستقر وهذا استقر وحصلت بينهما المراجعة ثالثها الموت من شدة الرعب رابعها المرض وقد جزم به ابن أبي جمرة خامسها دوام المرض سادسها العجز عن حمل أعباء النبوة سابعها العجز عن النظر إلى الملك من الرعب ثامنها عدم الصبر على أذى قومه تاسعها ان يقتلوه عاشرها مفارقة الوطن حادي عشرها تكذيبهم إياه ثاني عشرها تعييرهم إياه وأولى هذه الأقوال بالصواب وأسلمها من الارتياب الثالث واللذان بعده وما عداها فهو معترض والله الموفق (قوله فقالت خديجة كلا) معناها النفي والابعاد ويحزنك بفتح أوله والحاء المهملة والزاي المضمومة والنون من الحزن ولغير أبي ذر بضم أوله والخاء المعجمة والزاي المكسورة ثم الياء الساكنة من الخزي ثم استدلت على ما أقسمت عليه من نفى ذلك أبدا بأمر استقرائي ووصفته بأصول مكارم الأخلاق لان الاحسان اما إلى الأقارب أو إلى الأجانب واما بالبدن أو بالمال واما على من يستقل بأمره أو من لا يستقل وذلك كله مجموع فيما وصفته به والكل بفتح الكاف هو من لا يستقل بأمره كما قال الله تعالى وهو كل على مولاه وقولها وتكسب المعدوم في رواية الكشميهني وتكسب بضم أوله وعليها قال الخطابي الصواب المعدم بلا واو أي الفقير لان المعدوم لا يكسب (قلت) ولا يمتنع ان يطلق على المعدم المعدوم لكونه كالمعدوم الميت الذي لا تصرف له والكسب هو الاستفادة فكأنها قالت إذا رغب غيرك ان يستفيد مالا موجودا رغبت أنت ان تستفيد رجلا عاجزا فتعاونه وقال قاسم بن ثابت في الدلائل قوله يكسب معناه ما يعدمه غيره ويعجز عنه يصيبه هو ويكسبه قال اعرابي يمدح انسانا كان أكسبهم لمعدوم وأعطاهم لمحروم وأنشد في وصف ذئب * كسوب كذا المعدوم من كسب واحد * أي مما يكسبه وحده انتهى ولغير الكشميهني وتكسب بفتح أوله قال عياض وهذه الرواية أصح (قلت) قد وجهنا الأولى وهذه الراجحة ومعناها تعطى الناس ما لا يجدونه عند غيرك فحذف إحدى المفعولين ويقال كسبت الرجل مالا وأكسبته بمعنى وقيل معناه تكسب المال المعدوم وتصيب منه مالا يصيب غيرك وكانت العرب تتمادح بكسب المال لا سيما قريش وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة محظوظا في التجارة وانما يصح هذا المعنى إذا ضم إليه ما يليق به من أنه كان مع إفادته للمال يجود به في الوجوه التي ذكرت في المكرمات وقولها وتعين على نوائب الحق هي كلمة جامعة لافراد ما تقدم ولما لم يتقدم وفى رواية المصنف في التفسير من طريق يونس عن الزهري من الزيادة وتصديق الحديث وهى من أشرف الخصال وفى رواية هشام بن عروة عن أبيه في هذه
(٢٣)