بمجيئه من وجه آخر وروى البزار نحوه من حديث ابن مسعود موقوفا ورواه أبو نعيم الأصبهاني مرفوعا وفى الباب عن أبي الدرداء وغيره فلا يغتر بقول من جعله من كلام البخاري والمعنى ليس العلم المعتبر الا المأخوذ من الأنبياء وورثتهم على سبيل التعلم (قوله وقال أبو ذر الخ) هذا التعليق رويناه موصولا في مسند الدارمي وغيره من طريق الأوزاعي حدثني أبو كثير يعنى مالك بن مرثد عن أبيه قال أتيت أبا ذر وهو جالس عند الجمرة الوسطى وقد اجتمع عليه الناس يستفتونه فاتاه رجل فوقف عليه ثم قال ألم تنه عن الفتيا فرفع رأسه إليه فقال أرقيب أنت على لو وضعتم فذكر مثله ورويناه في الحلية من هذا الوجه وبين ان الذي خاطبه رجل من قريش وان الذي نهاه عن الفتيا عثمان رضي الله عنه وكان سبب ذلك أنه كان بالشام فاختلف مع معاوية في تأويل قوله تعالى والذين يكنزون الذهب والفضة فقال معاوية نزلت في أهل الكتاب خاصة وقال أبو ذر نزلت فيهم وفينا فكتب معاوية إلى عثمان فأرسل إلى أبي ذر فحصلت منازعة أدت إلى انتقال أبي ذر عن المدينة فسكن الربذة بفتح الراء والموحدة والذال المعجمة إلى أن مات رواه النسائي وفيه دليل على أن أبا ذر كان لا يرى بطاعة الامام إذا نهاه عن الفتيا لأنه كان يرى أن ذلك واجب عليه لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه كما تقدم ولعله أيضا سمع الوعيد في حق من كتم علما يعلمه وسيأتى لعلى مع عثمان نحوه والصمصامة بمهملتين الأولى مفتوحة هو السيف الصارم الذي لا ينثنى وقيل الذي له حد واحد (قوله هذه) إشارة إلى القفا وهو يذكر ويؤنث وأنفذ بضم الهمزة وكسر الفاء والذال المعجمة أي أمضى وتجيزوا بضم المثناة وكسر الجيم وبعد الياء زاي أي تكملوا قتلى ونكر كلمة ليشمل القليل والكثير والمراد انه يبلغ ما تحمله في كل حال ولا ينتهى عن ذلك ولو أشرف على القتل ولو في كلامه لمجرد الشرط من غير أن يلاحظ الامتناع أو المراد ان الانفاذ حاصل على تقدير وضع الصمصامة وعلى تقدير عدمه حصوله أولى فهو مثل قوله لو لم يخف الله لم يعصه وفيه الحث على تعليم العلم واحتمال المشقة فيه والصبر على الأذى طلبا للثواب (قوله وقال ابن عباس) هذا التعليق وصله ابن أبي عاصم أيضا باسناد حسن والخطيب باسناد آخر حسن وقد فسر ابن عباس الرباني بأنه الحكيم الفقيه ووافقه ابن مسعود فيما رواه إبراهيم الحربي في غريبه عنه باسناد صحيح وقال الأصمعي والإسمعيلي الرباني نسبة إلى الرب أي الذي يقصد ما أمره الرب بقصده من العلم والعمل وقال ثعلب قيل للعلماء ربانيون لانهم يربون العلم أي يقومون به وريدت الألف والنون للمبالغة والحاصل انه اختلف في هذه النسبة هل هي نسبة إلى الرب أو إلى التربية والتربية على هذا للعلم وعلى ما حكاه البخاري لتعلمه والمراد بصغار العلم ما وضح من مسائله وبكباره ما دق منها وقيل يعلمهم جزئياته قبل كلياته أو فروعه قبل أصوله أو مقدماته قبل مقاصده وقال ابن الاعرابى لا يقال للعالم رباني حتى يكون عالما معلما عاملا * (فائدة) * اقتصر المصنف في هذا الباب على ما أورده من غير أن يورد حديثا موصولا على شرطه فاما أن يكون بيض له ليورد فيه ما يثبت على شرطه أو يكون تعمد ذلك اكتفاء بما ذكر والله أعلم (قوله باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم) هو بالخاء المعجمة أي يتعهدهم والموعظة النصح والتذكير وعطف العلم عليها من باب عطف العام على الخاص لان العلم يشمل الموعظة وغيرها وانما عطفه لأنها منصوصة في الحديث وذكر العلم استنباطا
(١٤٨)