ذلك منبرا قلت فقد أخرجه المصنف في علامات النبوة من هذا الوجه بلفظ ألا أجعل لك منبرا فلعل التعريف وقع بصفة للمنبر مخصوصة أو يحتمل انه لما فوض إليها الامر بقوله لها ان شئت كان ذلك سبب البطء لا ان الغلام كان شرع وأبطا ولا انه جهل الصفة وهذا أوجه الأوجه في نظري (قوله ألا اجعل لك) أضافت الجعل إلى نفسها مجازا (قوله فان لي غلاما نجارا) في رواية الكشميهني فانى لي غلام نجار وقد اختصر المؤلف هذا المتن أيضا ويأتي بتمامه في علامات النبوة وفى الحديث قبول البذل إذا كان بغير سؤال واستنجاز الوعد ممن يعلم منه الإجابة والتقرب إلى أهل الفضل بعمل الخير وسيأتي بقية فوائده في علامات النبوة إن شاء الله تعالى * (قوله باب من بنى مسجدا) أي ماله من الفضل (قوله اخبرنى عمرو) هو ابن الحرث وبكير بالتصغير هو ابن عبد الله ابن الأشج وعبيد الله هو ابن الأسود وفى هذا الاسناد ثلاثة من التابعين في نسق بكير وعاصم وعبيد الله وثلاثة من أوله مصريون وثلاثة من آخره مدنيون وفى وسطه مدني سكن مصر وهو بكير فانقسم الاسناد إلى مصري ومدني (قوله عند قول الناس فيه) وقع بيان ذلك عند مسلم حيث أخرجه من طريق محمود بن لبيد الأنصاري وهو من صغار الصحابة قال لما أراد عثمان بناء المسجد كره الناس ذلك وأحبوا ان يدعوه على هيئته أي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وظهر بهذا ان قوله في حديث الباب حين بنى أي حين أراد ان يبنى وقال البغوي في شرح السنة لعل الذي كره الصحابة من عثمان بناؤه بالحجارة المنقوشة لا مجرد توسيعه انتهى ولم يبن عثمان المسجد انشاء وانما وسعه وشيده كما تقدم في باب بنيان المسجد فيؤخذ منه اطلاق البناء في حق من جدد كما يطلق في حق من أنشأ أو المراد بالمسجد هنا بعض المسجد من اطلاق الكل على البعض (قوله مسجد الرسول) كذا للأكثر وللحموي والكشميهني مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوله انكم أكثرتم) حذف المفعول للعلم به والمراد الكلام بالانكار ونحوه * (تنبيه) * كان بناء عثمان للمسجد النبوي سنة ثلاثين على المشهور وقيل في آخر سنة من خلافته ففي كتاب السير عن الحرث بن مسكين عن ابن وهب أخبرني مالك أن كعب الأحبار كان يقول عند بنيان عثمان المسجد لوددت ان هذا المسجد لا ينجز فإنه إذا فرغ من بنيانه قتل عثمان قال مالك فكان كذلك (قلت) ويمكن الجمع بين القولين بان الأول كان تاريخ ابتدائه والثاني تاريخ انتهائه (قوله من بنى مسجدا) التنكير فيه للشيوع فيدخل فيه الكبير والصغير ووقع في رواية أنس عند الترمذي صغيرا أو كبيرا وزاد ابن أبي شيبة في حديث الباب من وجه آخر عن عثمان ولو كمفحص قطاة وهذه الزيادة أيضا عند ابن حبان والبزار من حديث أبي ذر وعند أبى مسلم الكجي من حديث ابن عباس وعند الطبراني في الأوسط من حديث أنس وابن عمر وعند أبى نعيم في الحلية من حديث أبي بكر الصديق ورواه ابن خزيمة من حديث جابر بلفظ كمفحص قطاة أو أصغر وحمل أكثر العلماء ذلك على المبالغة لان المكان الذي تفحص القطاة عنه لتضع فيه بيضها وترقد عليه لا يكفي مقداره للصلاة فيه ويؤيده رواية جابر هذه وقيل بل هو على ظاهره والمعنى ان يزيد في مسجد قدرا يحتاج إليه تكون تلك الزيادة هذا القدر أو يشترك جماعة في بناء مسجد فتقع حصة كل واحد منهم ذلك القدر وهذا كله بناء على أن المراد بالمسجد ما يتبادر إلى الذهن وهو المكان الذي يتخذ للصلاة فيه فإن كان المراد بالمسجد موضع السجود وهو ما يسع
(٤٥٣)