أعلم وقال ابن دقيق العيد لما نقل قول من قال إن الدم لما انتقل بطيب رائحته من حكم النجاسة إلى الطهارة ومن حكم القذارة إلى الطيب لتغير رائحته حتى حكم له بحكم المسك وبالطيب للشهيد فكذلك الماء ينتقل بتغير رائحته من الطهارة إلى النجاسة قال هذا ضعيف مع تكلفه * (قوله باب البول في الماء الدائم) أي الساكن يقال دوم الطائر تدويما إذا صف جناحيه في الهواء فلم يحركهما وفى رواية الأصيلي باب لا تبولوا في الماء الدائم وهى بالمعنى (قوله الأعرج) كذا رواه شعيب ووافقه ابن عيينة فيما رواه الشافعي عنه عن أبي الزناد وكذا أخرجه الإسماعيلي ورواه أكثر أصحاب ابن عيينة عنه عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة ومن هذا الوجه أخرجه النسائي وكذا أخرجه أحمد من طريق الثوري عن أبي الزناد والطحاوي من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه والطريقان معا صحيحان ولابى الزناد فيه شيخان ولفظهما في سياق المتن مختلف كما سنشير إليه (قوله نحن الآخرون السابقون) اختلف في الحكمة في تقديم هذه الجملة على الحديث المقصود فقال ابن بطال يحتمل أن يكون أبو هريرة سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم مع ما بعده في نسق واحد فحدث بهما جميعا ويحتمل أن يكون همام فعل ذلك لأنه سمعها من أبي هريرة والا فليس في الحديث مناسبة للترجمة (قلت) جزم ابن التين بالأول وهو متعقب فإنه لو كان حديثا واحدا ما فصله المصنف بقوله وباسناده وأيضا فقوله نحن الآخرون السابقون طرف من حديث مشهور في ذكر يوم الجمعة سيأتي الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى فلو راعى البخاري ما ادعاه لساق المتن بتمامه وأيضا فحديث الباب مروى بطرق متعددة عن أبي هريرة في دواوين الأئمة وليس في طريق منها في أوله نحن الآخرون السابقون وقد أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق أبى اليمان شيخ البخاري بدون هذه الجملة وقول ابن بطال ويحتمل أن يكون همام وهم تبعه عليه جماعة وليس لهمام ذكر في هذا الاسناد وقوله إنه ليس في الحديث مناسبة للترجمة صحيح وإن كان غيره تكلف فأبدى بينهما مناسبة كما سنذكره والصواب ان البخاري في الغالب يذكر الشئ كما سمعه جملة لتضمنه موضع الدلالة المطلوبة منه وان لم يكن باقيه مقصودا كما صنع في حديث عروة البارقي في شراء الشاة كما سيأتي بيانه في الجهاد وأمثلة ذلك في كتابه كثيرة وقد وقع لمالك نحو هذا في الموطأ إذ أخرج في باب صلاة الصبح والعتمة متونا بسند واحد أولها مر رجل بغصن شوك وآخرها لو يعلمون ما في الصبح والعتمة لأتوهما ولو حبوا وليس غرضه منه الا الحديث الأخير لكنه أداها على الوجه الذي سمعه قال ابن العربي في القبس نرى الجهال يتعبون في تأويلها ولا تعلق للأول منها بالباب أصلا وقال غيره وجه المناسبة بينهما ان هذه الأمة آخر من يدفن من الأمم في الأرض وأول من يخرج منها لان الوعاء آخر ما يوضع فيه أول ما يخرج منه فكذلك الماء الراكد آخر ما يقع فيه من البول أول ما يصادف أعضاء المتطهر فينبغي ان يجتنب ذلك ولا يخفى ما فيه وقيل وجه المناسبة أن بني إسرائيل وان سبقوا في الزمان لكن هذه الأمة سبقتهم باجتناب الماء الراكد إذا وقع البول فيه فلعلهم كانوا لا يجتنبونه وتعقب بان بني إسرائيل كانوا أشد مبالغة في اجتناب النجاسة بحيث كانت النجاسة إذا أصابت جلد أحدهم قرضه فكيف يظن بهم التساهل في هذا وهو استبعاد لا يستلزم رفع الاحتمال المذكور وما قررناه أولى وقد وقع البخاري في كتاب التعبير في حديث
(٢٩٨)