وبعدها الأخير لان ما يقع بعد الانتباه من النوم لا يسمى سمرا وقال الكرماني تبعا لغيره أيضا يحتمل أن يكون مراد البخاري أن الأقارب إذا اجتمعوا لا بد أن يجرى بينهم حديث للمؤانسة وحديثه صلى الله عليه وسلم كله علم وفوائد (قلت) والأولى من هذا كله ان مناسبة الترجمة مستفادة من لفظ آخر في هذا الحديث بعينه من طريق أخرى وهذا يصنعه المصنف كثيرا يريد به تنبيه الناظر في كتابه على الاعتناء بتتبع طرق الحديث والنظر في مواقع ألفاظ الرواة لان تفسير الحديث بالحديث أولى من الخوض فيه بالظن وانما أراد البخاري هنا ما وقع في بعض طرق هذا الحديث مما يدل صريحا على حقيقة السمر بعد العشاء وهو ما أخرجه في التفسير وغيره من طريق كريب عن ابن عباس قال بت في بيت ميمونة فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد الحديث فصحت الترجمة بحمد الله تعالى من غير حاجة إلى تعسف ولا رجم بالظن فان قيل هذا انما يدل على السمر مع الأهل لا في العلم فالجواب أنه يلحق به والجامع تحصيل الفائدة أو هو بدليل الفحوى لأنه إذا شرع في المباح ففي المستحب من طريق الأولى وسنذكر باقي مباحث هذا الحديث حيث ذكره المصنف مطولا في كتاب الوتر من كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى ويدخل في هذا الباب حديث أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم بعد العشاء وقد ذكره المصنف في كتاب الصلاة ولأنس حديث آخر في قصة أسيد بن حضير وقد ذكره المصنف في المناقب وحديث عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمر مع أبي بكر في الامر من أمور المسلمين أخرجه الترمذي والنسائي ورجاله ثقات وهو صريح في المقصود الا أن في اسناده اختلافا على علقمة فلذلك لم يصح على شرطه وحديث عبد الله بن عمرو كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن بني إسرائيل حتى يصبح لا يقوم الا إلى عظيم صلاة رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة وهو من رواية أبى حسان عن عبد الله بن عمر وليس على شرط البخاري وأما حديث لا سمر الا لمصل أو مسافر فهو عند أحمد بسند فيه راو مجهول وعلى تقدير ثبوته فالسمر في العلم يلحق بالسمر في الصلاة نافلة وقد سمر عمر مع أبي موسى في مذاكرة الفقه فقال أبو موسى الصلاة فقال عمر أنا في صلاة والله أعلم (قوله باب حفظ العلم) لم يذكر في الباب شيا عن غير أبي هريرة وذلك لأنه كان أحفظ الصحابة للحديث قال الشافعي رضي الله عنه أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في عصره وقد كان ابن عمر يترحم عليه في جنازته ويقول كان يحفظ على المسلمين حديث النبي صلى الله عليه وسلم رواه ابن سعد وقد دل الحديث الثالث من الباب على أنه لم يحدث بجميع محفوظه ومع ذلك فالموجود من حديثه أكثر من الموجود من حديث غيره من المكثرين ولا يعارض هذا ما تقدم من تقديمه عبد الله بن عمرو على نفسه في كثرة الحديث لأنا قدمنا الجواب عن ذلك ولان الحديث الثاني من الباب دل على أنه لم ينس شيئا سمعه ولم يثبت مثل ذلك لغيره (قوله حدثنا عبد العزيز) هو الأويسي المدني والاسناد كله مدنيون (قوله أكثر أبو هريرة) أي من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صرح به المصنف في البيوع من طريق شعيب عن الزهري وله فيه وفى المزارعة من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري هنا زيادة وهى ويقولون ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثل أحاديثه وبها تبين الحكمة في ذكره المهاجرين والأنصار ووضعه المظهر موضع المضمر على
(١٩٠)