هشيم عن خالد في حديث الباب بلفظ مسح على رأسي وهذه الدعوة مما تحقق إجابة النبي صلى الله عليه وسلم فيها لما علم من حال ابن عباس في معرفة التفسير والفقه في الدين رضى الله تعالى عنه واختلف الشراح في المراد بالحكمة هنا فقيل القرآن كما تقدم وقيل العمل به وقيل السنة وقيل الإصابة في القول وقيل الخشية وقيل الفهم عن الله وقيل العقل وقيل ما يشهد العقل بصحته وقيل نور يفرق به بين الالهام والوسواس وقيل سرعة الجواب مع الإصابة وبعض هذه الأقوال ذكرها بعض أهل التفسير في تفسير قوله تعالى ولقد آتينا لقمان الحكمة والأقرب ان المراد بها في حديث ابن عباس الفهم في القرآن وسيأتى مزيد لذلك في المناقب إن شاء الله تعالى (قوله باب متى يصح سماع الصغير) زاد الكشميهني الصبى الصغير ومقصود الباب الاستدلال على أن البلوغ ليس شرطا في التحمل وقال الكرماني ان معنى الصحة هنا جواز قبول مسموعه (قلت) وهذا تفسير لثمرة الصحة لا لنفس الصحة وأشار المصنف بهذا إلى اختلاف وقع بين أحمد بن حنبل ويحيى ابن معين رواه الخطيب في الكفاية عن عبد الله بن أحمد وغيره ان يحيى قال أقل سن التحمل خمس عشرة سنة لكون ابن عمر رد يوم أحد إذ لم يبلغها فبلغ ذلك أحمد فقال بل إذا عقل ما يسمع وانما قصة ابن عمر في القتال ثم أورد الخطيب أشياء مما حفظها جمع من الصحابة ومن بعدهم في الصغر وحدثوا بها بعد ذلك وقبلت عنهم وهذا هو المعتمد وما قاله ابن معين ان أراد به تحديد ابتداء الطلب بنفسه فموجه وان أراد به رد حديث من سمع اتفاقا أو اعتنى به فسمع وهو صغير فلا وقد نقل ابن عبد البر الاتفاق على قبول هذا وفيه دليل على أن مراد ابن معين الأول واما احتجاجه بان النبي صلى الله عليه وسلم رد البراء وغيره يوم بدر ممن كان لم يبلغ خمس عشرة فمردود بان القتال يقصد فيه مزيد القوة والتبصر في الحرب فكانت مظنته سن البلوغ والسماع يقصد فيه الفهم فكانت مظنته التمييز وقد احتج الأوزاعي لذلك بحديث مروهم بالصلاة لسبع (قوله حدثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس وقد ثبت ذلك في رواية كريمة (قوله على حمار) هو اسم جنس يشمل الذكر والأنثى كقولك بعير وقد شذ حمارة في الأنثى حكاه في الصحاح وأتان بفتح الهمزة وشذ كسرها كما حكاه الصغاني هي الأنثى من الحمير وربما قالوا للأنثى اتانة حكاه يونس وأنكره غيره فجاء في الرواية على اللغة الفصحى وحمار اتان بالتنوين فيهما على النعت أو البدل وروى بالإضافة وذكر ابن الأثير أن فائدة التنصيص على كونها أنثى للاستدلال بطريق الأولى على أن الأنثى من بني آدم لا تقطع الصلاة لأنهن أشرف وهو قياس صحيح من حيث النظر الا ان الخبر الصحيح لا يدفع بمثله كما سيأتي البحث فيه في الصلاة إن شاء الله تعالى (قوله ناهزت) أي قاربت والمراد بالاحتلام البلوغ الشرعي (قوله إلى غير جدار) أي إلى غير سترة قاله الشافعي وسياق الكلام يدل على ذلك لان ابن عباس أورده في معرض الاستدلال على أن المرور بين يدي المصلى لا يقطع صلاته ويؤيده رواية البزار بلفظ والنبي صلى الله عليه وسلم يصلى المكتوبة ليس لشئ يستره (قوله بين يدي بعض الصف) هو مجاز عن الأمام بفتح الهمزة لان الصف ليس له يد وبعض الصف يحتمل ان يراد به صف من الصفوف أو بعض من أحد الصفوف قاله الكرماني (قوله ترتع) بمثناتين مفتوحتين وضم العين أي تأكل ما تشاء وقيل تسرع في المشي وجاء أيضا بكسر العين بوزن يفتعل من الرعى وأصله ترتعي لكن حذفت الياء تخفيفا والأول أصوب ويدل عليه رواية المصنف في الحج نزلت عنها
(١٥٦)