وفى الحديث المتقدم ذكر السلامة من اليد واللسان قال العلماء اختلاف الأجوبة في ذلك باختلاف الأحوال واحتياج المخاطبين وذكر ما لم يعلمه السائل والسامعون وترك ما علموه ويمكن أن يقال إن لفظة من مرادة كما يقال فلان أعقل الناس والمراد من أعقلهم ومنه حديث خيركم خيركم لأهله ومن المعلوم أنه لا يصير بذلك خير الناس فان قيل لم قدم الجهاد وليس بركن على الحج وهو ركن فالجواب أن نفع الحج قاصر غالبا ونفع الجهاد متعد غالبا أو كان ذلك حيث كان الجهاد فرض عين ووقوعه فرض عين إذ ذاك متكرر فكان أهم منه فقدم والله أعلم (قوله باب إذا لم يكن الاسلام على الحقيقة) حذف جواب قوله إذا للعلم به كأنه يقول إذا كان الاسلام كذلك لم ينتفع به في الآخرة ومحصل ما ذكره واستدل به أن الاسلام يطلق ويراد به الحقيقة الشرعية وهو الذي يرادف الايمان وينفع عند الله وعليه قوله تعالى ان الدين عند الله الاسلام وقوله تعالى فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين ويطلق ويراد به الحقيقة اللغوية وهو مجرد الانقياد والاستسلام فالحقيقة في كلام المصنف هنا هي الشرعية ومناسبة الحديث للترجمة ظاهرة من حيث إن المسلم يطلق على من أظهر الاسلام وان لم يعلم باطنه فلا يكون مؤمنا لأنه ممن لم تصدق عليه الحقيقة الشرعية وأما اللغوية فحاصلة (قوله عن سعد) هو ابن أبي وقاص كما صرح به الإسماعيلي في روايته وهو والد عامر الراوي عنه كما وقع في الزكاة عند المصنف من رواية صالح بن كيسان قال فيها عن عامر بن سعد عن أبيه واسم أبى وقاص مالك وسيأتى تمام نسبه في مناقب سعد إن شاء الله تعالى (قوله أعطى رهطا) الرهط عدد من الرجال من ثلاثة إلى عشرة قال القزاز وربما جاوزوا ذلك قليلا ولا واحد له من لفظه ورهط الرجل بنو أبيه الأدنى وقيل قبيلته وللإسماعيلي من طريق ابن أبي ذئب أنه جاءه رهط فسألوه فأعطاهم فترك رجلا منهم (قوله وسعد جالس) فيه تجريد وقوله أعجبهم إلى فيه التفات ولفظه في الزكاة أعطى رهطا وأنا جالس فساقه بلا تجريد ولا التفات وزاد فيه فقمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فساررته وغفل بعضهم فعزا هذه الزيادة إلى مسلم فقط والرجل المتروك اسمه جعيل بن سراقة الضمري سماه الواقدي في المغازي (قوله مالك عن فلان) يعنى أي سبب لعدولك عنه إلى غيره ولفظ فلان كناية عن اسم أبهم بعد ان ذكر (قوله فوالله) فيه القسم في الاخبار على سبيل التأكيد (قوله لأراه) وقع في روايتنا من طريق أبي ذر وغيره بضم الهمزة هنا وفى الزكاة وكذا هو في رواية الإسماعيلي وغيره وقال الشيخ محيي الدين رحمه الله بل هو بفتحها أي أعمله ولا يجوز ضمها فيصير بمعنى أظنه لأنه قال بعد ذلك غلبني ما اعلم منه اه ولا دلالة فيما ذكر على تعين الفتح لجواز اطلاق العلم على الظن الغالب ومنه قوله تعالى فان علمتوهن مؤمنات سلمنا لكن لا يلزم من اطلاق العلم أن لا تكون مقدماته ظنية فيكون نظريا لا يقينيا وهو الممكن هنا وبهذا جزم صاحب المفهم في شرح مسلم فقال الرواية بضم الهمزة واستنبط منه جواز الحلف على غلبة الظن لان النبي صلى الله عليه وسلم ما نهاه عن الحلف كذا قال وفيه نظر لا يخفى لأنه أقسم على وجدان الظن وهو كذلك ولم يقسم على الامر المظنون كما ظن (قوله فقال أو مسلما) هو باسكان الواو لا بفتحها فقيل هي للتنويع وقال بعضهم هي للتشريك وانه أمره أن يقولهما معا لأنه أحوط ويرد هذا رواية ابن الأعرابي في معجمه في هذا الحديث فقال لا تقل مؤمن بل مسلم
(٧٤)