يتأدبوا بأدبه وتنبيها لمن زكى نفسه ان يسلك مسلك التواضع (قوله باب قول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم علمه الكتاب) استعمل لفظ الحديث ترجمة تمسكا بان ذلك لا يختص جوازه بابن عباس والضمير على هذا لغير مذكور ويحتمل ان يكون لابن عباس نفسه لتقدم ذكره في الحديث الذي قبله إشارة إلى أن الذي وقع لابن عباس من غلبته للحر بن قيس انما كان بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم له (قوله حدثنا أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المعروف بالمقعد البصري (قوله حدثنا خالد) هو ابن مهران الحذاء (قوله ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم) زاد المصنف في فضل ابن عباس عن مسدد عن عبد الوارث إلى صدره وكان ابن عباس إذ ذاك غلاما مميزا فيستفاد منه جواز احتضان الصبى القريب على سبيل الشفقة (قوله علمه الكتاب) بين المصنف في كتاب الطهارة من طريق عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس سبب هذا الدعاء ولفظه دخل النبي صلى الله عليه وسلم الخلاء فوضعت له وضوءا زاد مسلم فلما خرج قال من وضع هذا فأخبر ولمسلم قالوا ابن عباس ولأحمد وابن حبان من طريق سعيد بن جبير عنه ان ميمونة هي التي أخبرته بذلك وان ذلك كان في بيتها ليلا ولعل ذلك كان في الليلة التي بات ابن عباس فيها عندها ليرى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى وقد أخرج أحمد من طريق عمرو بن دينار عن كريب عن ابن عباس في قيامه خلف النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل وفيه فقال لي ما بالك أجعلك حذائي فتخلفني فقلت أو ينبغي لاحد أن يصلى حذاءك وأنت رسول الله فدعا لي أن يزيدني الله فهما وعلما والمراد بالكتاب القرآن لان العرف الشرعي عليه والمراد بالتعليم ما هو أعم من حفظه والتفهم فيه ووقع في رواية مسدد الحكمة بدل الكتاب وذكر الإسماعيلي ان ذلك هو الثابت في الطرق كلها عن خالد الحذاء كذا قال وفيه نظر لان المصنف أخرجه أيضا من حديث وهيب عن خالد بلفظ الكتاب أيضا فيحمل على أن المراد بالحكمة أيضا القرآن فيكون بعضهم رواه بالمعنى وللنسائي والترمذي من طريق عطاء عن ابن عباس قال دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أوتى الحكمة مرتين فيحتمل تعدد الواقعة فيكون المراد بالكتاب القرآن وبالحكمة السنة ويؤيده ان في رواية عبيد الله بن أبي يزيد التي قدمناها عند الشيخين اللهم فقهه في الدين لكن لم يقع عند مسلم في الدين وذكر الحميدي في الجمع ان أبا مسعود ذكره في أطراف الصحيحين بلفظ اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل قال الحميدي وهذه الزيادة ليست في الصحيحين (قلت) وهو كما قال نعم هي في رواية سعيد ابن جبير التي قدمناها عند أحمد وابن حبان والطبراني ورواها ابن سعد من وجه آخر عن عكرمة مرسلا وأخرج البغوي في معجم الصحابة من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر كان عمر يدعو ابن عباس ويقربه ويقول انى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاك يوما فمسح رأسك وقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ووقع في بعض نسخ ابن ماجة من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء في حديث الباب بلفظ اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب وهذه الزيادة مستغربة من هذا الوجه فقد رواه الترمذي والإسمعيلي وغيرهما من طريق عبد الوهاب بدونها وقد وجدتها عند ابن سعد من وجه آخر عن طاوس عن ابن عباس قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح على ناصيتي وقال اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب وقد رواه أحمد عن
(١٥٥)