والمراد بالقيام به العمل به مطلقا أعم من تلاوته داخل الصلاة أو خارجها ومن تعليمه والحكم والفتوى بمقتضاه فلا تخالف بين لفظي الحديثين ولأحمد من حديث يزيد بن الأخنس السلمي رجل اتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ويتبع ما فيه ويجوز حمل الحسد في الحديث على حقيقته على أن الاستثناء منقطع والتقدير نفى الحسد مطلقا لكن هاتان الخصلتان محمودتان ولا حسد فيهما فلا حسد أصلا (قوله الا في اثنتين) كذا في معظم الروايات اثنتين بتاء التأنيث أي لا حسد محمودا في شئ الا في خصلتين وعلى هذا فقوله رجل بالرفع والتقدير خصلة رجل حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وللمصنف في الاعتصام الا في اثنين وعلى هذا فقوله رجل بالخفض على البدلية أي خصلة رجلين ويجوز النصب باضمار أعنى وهى رواية ابن ماجة (قوله مالا) نكره ليشمل القليل والكثير (قوله فسلط) كذا لأبي ذر وللباقين فسلطه وعبر بالتسليط لدلالته على قهر النفس المجبولة على الشح (قوله هلكته) بفتح اللام والكاف أي اهلاكه وعبر بذلك ليدل على أنه لا يبقى منه شيا وكمله بقوله في الحق أي في الطاعات ليزيل عنه ايهام الاسراف المذموم (قوله الحكمة) اللام للعهد لان المراد بها القرآن على ما أشرنا إليه قبل وقيل المراد بالحكمة كل ما منع من الجهل وزجر عن القبيح (فائدة) زاد أبو هريرة في هذا الحديث ما يدل على أن المراد بالحسد المذكور هنا الغبطة كما ذكرناه ولفظه فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتى فلان فعملت مثل ما يعمل أورده المصنف في فضائل القرآن وعند الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري بفتح الهمزة واسكان النون أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر حديثا طويلا فيه استواء العامل في المال بالحق والمتمنى في الاجر ولفظه وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت مثل ما يعمل فلان فاجرهما سواء وذكر في ضدهما انهما في الوزر سواء وقال فيه حديث حسن صحيح واطلاق كونهما سواء يرد على الخطابي في جزمه بان الحديث يدل على أن الغنى إذا قام بشروط المال كان أفضل من الفقير نعم يكون أفضل بالنسبة إلى من أعرض ولم يتمن لكن الأفضلية المستفادة منه هي بالنسبة إلى هذه الخصلة فقط لا مطلقا وسيكون لنا عودة إلى البحث في هذه المسئلة في حديث الطاعم الشاكر كالصائم الصابر حيث ذكره المؤلف في كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى (قوله باب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر إلى الخضر) هذا الباب معقود للترغيب في احتمال المشقة في طلب العلم لان ما يغتبط به تحتمل المشقة فيه ولان موسى عليه الصلاة والسلام لم يمنعه بلوغه من السيادة المحل الاعلى من طلب العلم وركوب البر والبحر لأجله فظهر بهذا مناسبة هذا الباب لما قبله وظاهر التبويب ان موسى ركب البحر لما توجه في طلب الخضر وفيه نظر لان الذي ثبت عند الصنف وغيره انه خرج في البر وسيأتى بلفظ فخرجا يمشيان وفى لفظ لأحمد حتى أتيا الصخرة وانما ركب البحر في السفينة هو والخضر بعد ان التقيا فيحمل قوله إلى الخضر على أن فيه حذفا أي إلى مقصد الخضر لان موسى لم يركب البحر لحاجة نفسه وانما ركبه تبعا للخضر ويحتمل ان يكون التقدير ذهاب موسى في ساحل البحر فيكون فيه حذف ويمكن أن يقال مقصود الذهاب انما حصل بتمام القصة ومن تمامها انه ركب معه البحر فاطلق على جميعها ذهابا مجازا اما من اطلاق الكل على البعض أو من تسمية السبب باسم ما تسبب عنه وحمله ابن المنير على أن إلى بمعنى مع وقال ابن
(١٥٣)