الأعمش انه سمع أبا وائل ولأحمد عن يحيى القطان عن الأعمش حدثني أبو وائل (قوله سباطة قوم) بضم المهملة بعدها موحدة هي المزبلة والكناسة تكون بفناء الدور مرفقا لأهلها وتكون في الغالب سهلة لا يرتد فيها البول على البائل واضافتها إلى القوم إضافة اختصاص لا ملك لأنها لا تخلو عن النجاسة وبهذا يندفع ايراد من استشكله لكون البول يوهي الجدار ففيه اضرار أو نقول انما بال فوق السباطة لا في أصل الجدار وهو صريح رواية أبى عوانة في صحيحه وقيل يحتمل أن يكون علم اذنهم في ذلك بالتصريح أو غيره أو لكونه مما يتسامح الناس به أو لعلمه بايثارهم إياه بذلك أو لكونه يجوز له التصرف في مال أمته دون غيره لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأموالهم وهذا وإن كان صحيح المعنى لكن لم يعهد ذلك من سيرته ومكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم (قوله ثم دعا بماء) زاد مسلم وغيره من طرق عن الأعمش فتنحيت فقال ادنه فدنوت حتى قمت عند عقبيه وفى رواية أحمد عن يحيى القطان أتى سباطة قوم فتباعدت منه فأدناني حتى صرت قريبا من عقبيه فبال قائما ودعا بماء فتوضأ ومسح على خفيه وكذا زاد مسلم وغيره فيه ذكر المسح على الخفين وهو ثابت أيضا عند الإسماعيلي وغيره من طرق عن شعبة عن الأعمش وزاد عيسى بن يونس فيه عن الأعمش ان ذلك كان بالمدينة أخرجه ابن عبد البر في التمهيد باسناد صحيح وزعم في الاستذكار ان عيسى تفرد به وليس كذلك فقد رواه البيهقي من طريق محمد ابن طلحة بن مصرف عن الأعمش كذلك وله شاهد من حديث عصمة بن مالك سنذكر بعد واستدل به على جواز المسح في الحضر وهو ظاهر ولعل البخاري اختصره لتفرد الأعمش به فقد روى ابن ماجة من طريق شعبة ان عاصما رواه له عن أبي وائل عن المغيرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما قال عاصم وهذا الأعمش يرويه عن أبي وائل عن حذيفة وما حفظه يعنى ان روايته هي الصواب قال شعبة فسألت عنه منصورا فحدثنيه عن أبي وائل عن حذيفة يعنى كما قال الأعمش لكن لم يذكر فيه المسح فقد وافق الأعمش على قوله عن حذيفة دون الزيادة ولم يلتفت مسلم إلى هذه العلة بل ذكرها في حديث الأعمش لأنها زيادة من حافظ وقال الترمذي حديث أبي وائل عن حذيفة أصح يعنى من حديثه عن المغيرة وهو كما قال وان جنح ابن خزيمة إلى تصحيح الروايتين لكون حماد بن أبي سليمان وافق عاصما على قوله عن المغيرة فجاز ان يكون أبو وائل سمعه منهما فيصح القولان معا لكن من حيث الترجيح رواية الأعمش ومنصور لاتفافهما أصح من رواية عاصم وحماد لكونهما في حفظهما مقال * (قوله باب البول عند صاحبه) أي صاحب البائل (قوله جرير) هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر (قوله رأيتني) بضم المثناة من فوق (قوله فانتبذت) بالنون والذال المعجمة أي تنحيت يقال جلس فلان نبذة بفتح النون وضمها أي ناحية (قوله فأشار إلى) يدل على أنه لم يبعد منه بحيث لا يراه وانما صنع ذلك ليجمع بين المصلحتين عدم مشاهدته في تلك الحالة وسماع ندائه لو كانت له حاجة أو رؤية إشارته إذا أشار له وهو مستدبره وليست فيه دلالة على جواز الكلام في حال البول لأن هذه الرواية بينت ان قوله في رواية مسلم ادنه كان بالإشارة لا باللفظ وأما مخالفته صلى الله عليه وسلم لما عرف من عادته من الابعاد عند قضاء الحاجة عن الطرق المسلوكة وعن أعين النظارة فقد قيل فيه انه صلى الله عليه وسلم كان مشغولا بمصالح المسلمين فلعله طال عليه المجلس حتى احتاج
(٢٨٣)