وهو من السب بالتشديد وأصله القطع وقيل مأخوذ من السبه وهى حلقة الدبر سمى الفاحش من القول بالفاحش من الجسد فعلى الأول المراد قطع المسبوب وعلى الثاني المراد كشف عورته لان من شان الساب ابداء عورة المسبوب (قوله فعيرته بأمه) أي نسبته إلى العار زاد في الأدب وكانت أمه أعجمية فنلت منها وفى رواية قلت له يا ابن السوداء والأعجمي من لا يفصح باللسان العربي سواء كان عربيا أو عجميا والفاء في فعيرته قيل هي تفسيرية كأنه بين أن التعيير هو السب والظاهر أنه وقع بينهما سباب وزاد عليه التعيير فتكون عاطفة ويدل عليه رواية مسلم قال أعيرته بأمه فقلت من سب الرجال سبوا أباه وأمه قال إنك امرؤ فيك جاهلية أي خصلة من خصال الجاهلية ويظهر لي ان ذلك كان من أبي ذر قبل أن يعرف تحريمه فكانت تلك الخصلة من خصال الجاهلية باقية عنده فلهذا قال كما عند المؤلف في الأدب قلت على ساعتي هذه من كبر السن قال نعم كأنه تعجب من خفاء ذلك عليه ومع كبر سنه فبين له كون هذه الخصلة مذمومة شرعا وكان بعد ذلك يساوى غلامه في لملبوس وغيره أخذا بالأحوط وإن كان لفظ الحديث يقتضى اشتراط المواساة لا المساواة وسنذكر ما يتعلق ببقية ذلك في كتاب العتق حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى وفى السياق دلالة على جواز تعدية عيرته بالباء وقد أنكره ابن قتيبة وتبعه بعضهم وأثبت آخرون انها لغة وقد جاء في سبب الباس أبي ذر غلامه مثل لبسه أثر مرفوع أصرح من هذا وأخص أخرجه الطبراني من طريق أبى غالب عن أبي أمامة ان النبي صلى الله عليه وسلم اعطى أبا ذر عبدا فقال أطعمه مما تأكل وألبسه مما تلبس وكان لأبي ذر ثوب فشقه نصفين فأعطى الغلام نصفه فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال قلت يا رسول الله أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون قال نعم (قوله باب ظلم دون ظلم) دون يحتمل أن تكون بمعنى غير أي أنواع الظلم متغايرة أو بمعنى الأدنى أي بعضها أخف من بعض وهو أظهر في مقصود المصنف وهذه الجملة لفظ حديث رواه أحمد في كتاب الايمان من حديث عطاء ورواه أيضا من طريق طاوس عن ابن عباس بمعناه وهو في معنى قوله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله الآية فاستعمله المؤلف ترجمة واستدل له بالحديث المرفوع ووجه الدلالة منه ان الصحابة فهموا من قوله بظلم عموم أنواع المعاصي ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وانما بين لهم ان المراد أعظم أنواع الظلم وهو الشرك على ما سنوضحه فدل على أن للظلم مراتب متفاوتة ومناسبة ايراد هذا عقب ما تقدم من أن المعاصي غير الشرك لا ينسب صاحبها إلى الكفر المخرج عن الملة على هذا التقرير ظاهرة (قوله حدثنا أبو الوليد) هو الطيالسي (قوله وحدثني بشر) هو في الروايات المصححة بواو العطف وفى بعض النسخ قبلها صورة ح فإن كانت من أصل التصنيف فهي مهملة مأخوذة من التحويل على المختار وإن كانت مزيدة من بعض الرواة فيحتمل أن تكون الركعة كذلك أو معجمة مأخوذه من البخاري لأنها رمزه أي قال البخاري وحدثني بشر وهو ابن خالد العسكر وشيخه محمد هو ابن جعفر المعروف بغندر وهو أثبت الناس في شعبة ولهذا أخرج المؤلف روايته مع كونه أخرج الحديث عاليا عن أبي الوليد واللفظ المساق هنا لفظ بشر وكذلك أخرج النسائي عنه وتابعه ابن أبي عدى عن شعبة وهو عند المؤلف في تفسير الانعام وأما لفظ أبى الوليد فساقه المؤلف في قصة لقمان بلفظ أينا لم يلبس ايمانه بظلم وزاد فيه
(٨١)